أكدت محكمة الاستئناف المدنية، برئاسة المستشار نايف المطيرات، وعضوية المستشارين محمد خليفة الأصفر، ومحمد عبدالمحسن العويضي، عدم انطباق قانون السجل العيني حتى الآن على قضية بيع العقارات لعدم دخوله حيز التنفيذ.

وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، بعد أن قررت إحالة القضية الى إدارة دائرة البيوع أنه «باستقراء وتمحيص نصوص تلك المواد ومدلولها لما لهذه المحكمة من سلطة كاملة في تفسير تلك النصوص للتعرف على حقيقة المقصود منها واستنباط حقيقة الواقع فيها وتكييفها التكييف القانوني الصحيح، ترى من تلك النصوص أنها لم تشترط التسجيل لرفع الدعوى القضائية، ومن ثم فلا محل للقول إن رفع الدعوى بطلب إحالتها لدائرة البيوع لبيع العقار هو تصرف قانوني ببيع العقار وانتقال ملكيته للمشتري الذي سيرسو عليه المزاد وتسجيل ذلك لدى إدارة التسجيل وهو ما يمتنع على ملاكه لعدم تسجيل حق الإرث، وان القول بذلك مخالف للقانون، إذ إن الحكم الصادر ببيع العقار بالمزاد العلني وإحالة الدعوى لدائرة البيوع، لا يعد تصرفا من المدعين، بل هو حكم قضائي وليس تصرفا من التصرفات المنشئة للحقوق أو المعدلة لها، آية ذلك أن قانون التسجيل العقاري فرق بين تسجيل التصرفات وتسجيل الأحكام النهائية، ولو كان الحكم القضائي يندرج تحت مفهوم التصرف لاكتفى المشرع بالنص على تسجيل التصرفات».

Ad

وأردفت: «كما أن المادة العاشرة من قانون التسجيل العقاري أوجبت على الوارث تسجيل حق الإرث قبل تسجيل التصرف الصادر منه، دون أن تحظر على الوارث التصرف في حد ذاته قبل تسجيل حق الإرث، والذي يكون صحيحا ويتم تسجيل حق الإرث وتسجيل التصرف معا، ويكون للمشتري رفع الدعوى بطلب صحته ونفاذه، ويتم تسجيل حق الإرث والحكم الصادر بصحة ونفاذ التصرف، كما أنه قد خلا قانون التسجيل العقاري من أي نص يحظر رفع دعوی القسمة بخصوص أحد أعيان التركة قبل تسجيل حق الإرث، إلا أنه لا يتم تسجيل الحكم الصادر فيها الا بعد تسجيل حق الإرث، وأن قاضي البيوع لا يحكم بالبيع إلا بعد تسجيل حق الإرث وتقديم شهادة من البلدية بأوصاف العقار والاعلان عن البيع».

تسجيل حق الإرث

وتابعت المحكمة: «ليس للمحكمة أن ترهن قضاءها بالفصل في النزاع بما قد ينشأ من عقبات عن تنفيذ حكمها، إذ إن ذلك من اختصاص قاضي التنفيذ أو قاضي البيوع بحسب الحال، وان الراسي عليه المزاد باعتباره من ذوي الشأن يستطيع تسجيل حق الإرث عند تسجيل حكم مرسي المزاد وذلك بمقتضى الحكم الصادر لصالحه برسو المزاد عليه، وقد نصت المادة 12 من قانون التسجيل العقاري على أنه تتم إجراءات التسجيل في جميع الأحوال بناء على طلب ذوي الشأن أو من يقوم مقامهم».

وقالت: «نجد ذلك جليا في نص المادة الثامنة: تسجيل جميع التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية الأصلية، وخصوص ذكره الأحكام النهائية أي بمعنى أن الدعوى تم نظرها قبل صدور الأحكام النهائية وأن الحكم النهائي هو الذي يستوجب التسجيل وليس رفع الدعوى، بل إن نص المادة في وجوب تسجيل جميع التصرفات، أي ان التسجيل يتم بعد القيام بالتصرف فلا يمكن القول ان موقف العقار قبل أن يوقف يذهب لتسجيل العقار ويبلغهم بأنه سوف يقوم بإجراء الوقف بل هو يقوم بالوقف لدى الموثق ثم يذهب بعد ذلك الى تسجيله، وكذلك الأمر بالهبة، وتلك التصرفات تتطلب من الواقف أو الواهب أن يصدر ابتداء بإعلام رسمي من المحاكم الشرعية ثم يتبع ذلك إجراءات تسجيله طبقا للطرق المتبعة، وهذا يظهر جليا في أن عقد البيع مثال لمشتري العقار الحق في تسلمه وفي الحصول على ريعه وثمراته طبقا لأحكام هذا العقد حتى قبل حصول التسجيل، وكذلك للمشتري الحق في مطالبة البائع بتنفيذ التزاماته بنقل الملكية، تنفيذا عينيا، فإذا امتنع أو تأخر جاز للمشتري أن يحصل في مواجهته على حكم بإثبات عقد البيع فيقوم هذا الحكم مقام العقد المصدق على التوقيع فيه ويكون قابلا للتسجيل».

وأضافت: «مفهوم التسجيل أنه يترتب على عدم القيد أن هذه الحقوق لا تنتج أثرها المطلوب في مواجهة الغير، ومن ثم اذا كان رفع الدعوى بين الملاك دون غيرهم تنعدم العلة من التسجيل، إذ إن حق الأولوية وحق التتبع وهما أهم خصائص الحق العيني التبعي لا يتصور استعمالهما إلا في مواجهة الغير، ولما كان ذلك، وكان المقرر قانونا وشرعا أن أيلولة ملكية العقارات إلى الوارث لا تحتاج إلى تصرف من التصرفات القانونية، وإنما هي تترتب على مجرد واقعة هي وفاة المورث، فلم يكن هناك وجه لجعل انتقال الحق إلى الوارث متوققا على تسجيله، ولكن رغم ذلك رئي إيجاب تسجيل حق الإرث إذا تصرف الوارث في عقار تلقى ملكيته بالميراث، وذلك ضبطا لأصل الملكية في التصرفات العقارية وتيسيرا لوضع نظام السجلات العينية، وهو بهذا المعنى لا يكون شرطا لرفع الدعوى طلبا في قسمة أو فرز العقار بين الورثة، إذ إن الدعوى بين الشركاء بطلب الفرز والتجنيب ليست تصرفا من التصرفات، إذ إن صفة الورثة کأملاك ثابتة بمجرد تقديم شهادة وفاة المورث وحصر الورث والقسام الشرعي وكل تلك الشهادات منبعها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، فضلا عن أن الأحكام الصادرة بخصوص العقار مآلها للتسجيل العقاري».

مخالفة صريحة

وأضافت المحكمة: «ومن ثم فإن القول بشرط قبول الدعوى ان تسجل ملكية الورثة بالتسجيل العقاري هو بدعة ليس له مسوغ قانوني، بل هي مخالفة صريحة لقانون المرافعات، فالمطلوب برفع الدعاوى الصفة والمصلحة، والصفة بالنسبة للورثة ثابتة بتقديم شهادة الوفاة والحصر والقسام الشرعي، وشرط المصلحة هناك هي المصلحة الخاصة، ولا يمكن القول بان شرط التسجيل من النظام العام، بل إن التسجيل يعتبر من القانون الخاص هدفه المصالح الخاصة للأفراد ومن ثم تكون قواعده مكملة تخضع لإرادة الأفراد، الذين يمكنهم الاتفاق على خلاف حكمها، والقانون المدني هو قانون خاص وهو مجموعة من القواعد القانونية التي تتعلق بحياة الفرد باعتباره عضوا في أسرة، والتسجيل قاعدة شكلية وليست موضوعية وقاعدة مكملة وليست آمرة ملزمة بذاتها وخاصة بين الشركاء، ومن ثم فإن القول بغير ذلك تزيد وافتراء على نصوص قانون المرافعات لا مصلحة فيه سواء اطالة الخصومة واثارة اللدد بين الورثة وهذا ليس عمل القضاء، بل ان مصلحة الدولة، مثل دولة الكويت في السعي لتكون دولة اقتصاد واستثمار، تتطلب السلاسة بالإجراءات وسرعة فض المنازعات کبلد اقتصادي، بعيدا عن التعقيدات التي لا مسوغ قانوني لها، والتمسك بالشكليات للهروب من الفصل في الموضوع هي بدع تضر بالنظام العام، إذ ليس من المعقول أن يتطلب فض المنازعات بين الورثة سنوات يموت من يموت ولا يفصل فيها، والقول بغير ذلك هدر لنظام الدولة واغراقها بالإجراءات الشكلية والقضايا واطالة الفصل بالخصومات».

واستطردت: «أما عن القانون رقم 21 لسنة 2019 بشأن السجل العيني، فانه مجموعة الصحائف التي تبين أوصاف کل عقار وفقا لتعريف العقار الوارد بالقانون وحالته القانونية والحقوق المترتبة عليه والمعاملات المتعلقة به، وينشأ هذا السجل مكتوبا وإلكترونيا، بحيث يكون فيه لكل عقار صحيفة خاصة تثبت بها الحقوق والحدود وكا البيانات المتعلقة به، كما يكون لكل مالك صحيفة خاصة يبين فيها العقارات التي يملكها في الفهرس الشخصي الهجائي، والذي يعكس البيانات الواردة في السجل العيني».

وبينت انه «تطبيقا لأحكام هذا القانون تتولى إدارة التسجيل العقاري خلال سنة من تاريخ العمل بهذا القانون الإعلان في الجريدة الرسمية عن البيانات الخاصة بكل عقار كما يتم إخطار ذوي الشأن الواردة أسماؤهم بكل صحيفة من صحائف العقار بما تم إثباته من بيانات خاصة بكل عقار والحقوق المترتبة له وعليه والمعاملات والتعديلات المتعلقة به، على أن يتم تسليم كل مالك صورة من الصحيفة العقارية والتي تسمى سند الملكية، على أن يتم تسليم صورة من سند الملكية لكل مالك في حالة تعددهم وتملكهم للعقار على الشيوع».

التزامات عينية

وأفادت المحكمة: «حدد المشرع التصرفات والحقوق الواجب قيدها في السجل والتي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو التبعية أو نقلها أو تغييرها أو زوالها وفي حالة عدم قيد تلك الحقوق فإن المشرع قد أخرجها من نطاق كونها التزامات عينية، ونص صراحة على أنها مجرد التزامات شخصية بين ذوي الشأن، بل ونص القانون على ضرورة قيد عقود الإيجار والسندات التي ترد على منفعة العقار إذا زادت مدتها على عشر سنوات، فإن لم يتم قيدها، فلا تنفذ في حق الغير فيما زاد على هذه المدة».

وقالت: «استحدث القانون لجنة تشكل بقرار من وزير العدل وتضم في عضويتها عضوين من رجال القضاء بالإضافة الى عضوين فنيين وتختص اللجنة بالنظر فيما يحال إليها من إدارة التسجيل العقاري وتظلمات ذوي الشأن من القرارات المتعلقة بتنفيذ أحكام قانون السجل العيني، على أن يتم الطعن في القرارات الصادرة من اللجنة أمام محكمة الاستئناف، وإذا كانت أي من الدعاوى القضائية تتعلق بالحقوق أو التصرفات الواجب قيدها بالسجل في حالة صدور حكم في تلك الدعوى، فيجب أن تتضمن الدعوى ما يفيد طلب إجراء التغيير في بيانات السجل العيني ولا تقبل تلك الدعوى إلا بعد تقديم شهادة دالة على حصول التأشير بمضمون تلك الطلبات محل الدعوى، وعلى أن يؤشر في السجل العيني بمضمون الحكم النهائي الصادر خلال خمس سنوات من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا وإلا اعتبر التأشير في السجل العيني كأن لم يكن مما يستدعي إعادة الإجراءات مرة أخرى، أما في حالة قيد الحكم في السجل العيني خلال المدة المحددة، فإن الحكم يكون حجة من تاريخ التأشير بصحيفة الدعوى في السجل».

ولفتت الى انه إجمالا، فقد جاء القانون مشابها لحد كبير لمشروع قانون السجل العيني الجاري مناقشته في مجلس النواب المصري. وقانون السجل العيني الكويتي رقم 21 لسنة 2019 نص على أن تختص ادارة التسجيل العقاري وفروعها دون غيرها بأعمال السجل العيني. وينشأ سجل عيني مكتوب والكتروني تفرد فيه صحيفة خاصة لكل عقار، وتبين اللائحة التنفيذية كيفية تقديم طلبات القيد وترقيم وامساك السجل واجراءات القيد فيه والوثائق المتعلقة به. على أن يتم قيد جميع العقارات في السجل، وتفرد لكل عقار منها صحيفة تثبت بها الحقوق والحدود وكل البيانات المتعلقة به. كما ينشأ بالإدارة فهرس شخصي هجائي يكون فيه لكل مالك صحيفة خاصة يبين فيها العقارات التي يملكها وتدون بيانات هذا الفهرس من واقع البيانات الواردة في السجل.

صحائف السجل

وأردفت المحكمة: «ان تقييد صحائف السجل العيني نصت المادة الخامسة على الا تقيد الحقوق في صحائف السجل العيني إلا اذا كانت ثابتة بأحد المحررات المنصوص عليها في المادة 14 من قانون التسجيل العقاري المشار إليه أو كانت قد نشأت أو تقررت بسبب من أسباب کسب الحقوق العينية، وإذا كان سبب كسب الحق تصرفا أو حكما وجب أن يكون قد سبق تسجيله، أما ما نصت عليه المادة السادسة ففي حالة وجود تناقض بين المحررات المسجلة عن عقار واحد، تتولى إدارة التسجيل العقاري فحص المحررات المتناقضة ودراستها وإعداد تقرير بنتيجة الفحص وإحالته الى اللجنة المنصوص عليها في المادة رقم 8 مع اخطار ذوي الشأن».

وأضافت: «نصت المادة رقم 7 من هذا القانون على أن تقوم إدارة التسجيل العقاري خلال سنة من تاريخ العمل بهذا القانون بالاعلان في الجريدة الرسمية عن البيانات الخاصة بكل عقار، كما تقوم بإخطار ذوي الشأن الورادة اسماؤهم بكل صحيفة من صحائف العقار بما تم اثباته من بيانات خاصة بكل عقار والحقوق المترتبة له وعليه والمعاملات والتعديلات المتعلقة به، ونصت المادة الثامنة من القانون على أن تشكل بقرار من وزير العدل لجنة او اكثر تتألف من عضوين من رجال القضاء - يندبها المجلس الأعلى للقضاء - يتولى أقدمهما رئاسة اللجنة - على ألا تقل درجته عن مستشار - وعضوين من العاملين ببلدية الكويت أحدهما مهندس من المختصين بتحديد الملكية والآخر من المختصين بإدارة التسجيل العقاري».

وتابعت: «لما كان ذلك، وبعد استعلام المحكمة من مدير الإدارة العامة للتسجيل العقاري الذي قرر أن هذا القانون لم يعمل به حتى الآن، وارسل صورة صادرة من رئيس المكتب الفني لقطاع التسجيل العقاري والتوثيق تفيد بأنه لا يمكن الاستجابة لطلب شهادة تدل على التأشير في السجل العيني عن العقار استحالة تنفيذه حيث إنه بالرغم من صدور قانون السجل العيني رقم 2019/21 ولائحته التنفيذية إلا أنه يلزم بعد ذلك صدور قرار من وزير العدل بتحديد المنطقة المساحية التي يسري عليها القانون وان العمل لا يزال جاريا وفق المرسوم 1959/5 بقانون التسجيل العقاري لحين صدور القرار المذكور أعلاه، ومما تقدم فإن تطبيق التسجيل العيني يكون الآن مستحيل التطبيق، وتطبيقا لما سبق بيانه فإنه لما كان أن أيلولة ملكية العقار الى الوارث لا تحتاج الى تصرف من التصرفات القانونية وانما تثبت الملكية بمجرد اثبات واقعة هي وفاة المورث، وهو ما ثبت امام محكمة اول درجة وكذلك أمام هذه المحكمة، الامر الذي يكون الدفع في هذا الخصوص خليقا بالرفض».