خامنئي يرفض تقديم تنازلات للمحتجين
يصف الاحتجاجات بـ «المبعثرة»... والقضاء يتهم العشرات
أحمدي نجاد: التغيير في إيران آتٍ وبسرعة
تجاوب نسبي مع الإضراب والسلطات تخنق «الإنترنت»... و«الداخلية» تقر بتوقيف طلاب مدارس ووضعهم بمصحات نفسية
استخف المرشد الإيراني علي خامنئي بحجم الاحتجاجات المتواصلة في بلاده منذ 4 أسابيع ضد قمع الحريات، ووصفها بأنها مبعثرة ومن تنظيم الأعداء في الخارج، في حين بدأ القضاء توجيه اتهامات للعشرات مع احتدام التظاهرات والاضطرابات، خصوصا بالمناطق الكردية مسقط رأس الشابة مهسا أميني، التي أطلقت وفاتها الحراك الشعبي.
أكد مصدر في مجلس تشخيص مصلحة النظام، الإيراني، أن المرشد علي خامنئي أبدى مرونة تجاه تغيير بعض القوانين الإسلامية، بينها إلغاء قانون إلزامية ارتداء الحجاب وفقاً لمعايير محددة، استجابةً لمطالب الجيل الجديد من الشباب المنتفضين حالياً، إلا أنه شدد على ضرورة عدم تقديم أي تنازلات في خضم الاحتجاجات؛ لأن ذلك يعني أن المحتجين سيطالبون بالمزيد. وقال المصدر لـ «الجريدة»، إن خامنئي أبلغ رئيس «مصلحة النظام» صادق عاملي لاريجاني وبعض أعضاء المجلس، عشية لقائه بهم أمس، أن الاضطرابات لا يمكن السيطرة عليها بإلغاء إلزامية الحجاب؛ لأن المشكلة تكمن في أن سقف المطالب يستهدف أصل بقاء النظام الإسلامي، مضيفاً أن «هذا يجب مواجهته حتى لو اقتضى الأمر استعمال القوة بأي مستوى كان». وأضاف أن المرشد عقَّب ممازحاً الحضور بأن إلغاء الحجاب الإلزامي أصبح على كل حال أمراً واقعاً، في إشارة إلى إقدام آلاف النساء خلال الاحتجاجات المستمرة منذ أربعة أسابيع على خلعه والسير من دونه في أماكن عامة.
من جهة أخرى، قال الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، إن «التغيير في إيران آتٍ وبسرعة كبيرة». وأوضح نجاد، الذي عيّنه المرشد عضواً بـ «مصلحة النظام» أنه يعتقد أن الأحداث الحالية كان لها تأثير كبير على تسريع بدء إجراء تغييرات في عمل الحكومة الحالية.
تفاصيل الخبر:
جدد المرشد الإيراني علي خامنئي هجومه على الحراك الشعبي المطالب بالتغيير في بلاده منذ 4 أسابيع، معتبراً أن الاحتجاجات المناهضة للحكومة «أعمال شغب مبعثرة» من تدبير الأعداء.وقال خامنئي، في تصريحات أمس، خلال استقباله أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام: «أعمال الشغب المتفرقة تلك هي تدبير أخرق من جانب العدو ضد التطورات العظيمة والإبداعية للشعب الإيراني».وأضاف المرشد الإيراني (82 عاما)، أن «قضية تورط الأعداء في أعمال الشغب الأخيرة هي محط إقرار من الجميع».وأعاد خامنئي تأكيد أن «أعمال الشغب الأخيرة ليست عفوية»، مشدداً على وجوب التمييز بين فئات مختلفة من الناس تنزل إلى الشارع للاحتجاج.وتابع: «أعمال الشغب ليست أمراً داخلياً. فالقصف الدعائي، والتأثير الفكري، وإثارة الحماسة، وأعمال مثل تعليم كيف تُصنع زجاجات المولوتوف، أفعال تجري بوضوح على يد العدو».وأشار إلى أن «حكم المُشاركين في أعمال الشغب ليس على نحو واحد. بعضهم عناصر للعدو أو ذوو توجّه متوافق معه، لكنّ بعضهم متحمسون».وأوضح: «بالنسبة إلى الفئة الثانية، هناك حاجة إلى عمل ثقافي. أما الفئة الأولى، فكلا. هنا المسؤولون القضائيون والأمنيون ملزمون بأداء مهماتهم».وحثّ خامنئي المسؤولين على عدم الابتعاد عن مهامهم في ظل احتجاجات تقترب من إتمام شهرها الأول.وبيّن أن «أحد أهداف العدو إشغال مسؤولي البلاد بأعمال الشغب الأخيرة، حتى يبتعدوا عن الأعمال الرئيسية. على المسؤولين إنجاز الأعمال الرئيسية، وأن يحرصوا ألّا تتعثر، سواء كانت مرتبطة بداخل البلاد أم بخارجها».انتقاد عبداللهيان
وفي وقت سابق، أبلغ وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان نظيره البلغاري ستويان غانيف ووزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونيا، في اتصالين هاتفيين منفصلين، أن التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية لإيران «أمر مرفوض بشدة». وانتقد عبداللهيان ما وصفه بـ «لجوء الدول الغربية إلى المعايير المزدوجة فيما يخص أحداث الشغب في إيران».وشدد الوزير الإيراني، في اتصاله الهاتفي مع نظيرته كولونيا، التي دعت بلاده إلى الإفراج الفوري عن 5 فرنسيين تحتجزهم، على أن طهران لن تسمح لأي طرف داخلي أو خارجي بالمساس بأمنها، محذرا من أن بلاده سترد بالمثل إذا فرض الاتحاد الأوروبي قيودا على مسؤولين إيرانيين.عرقلة وإحباط
وفي وقت شددت السلطات عرقلة خدمات الإنترنت، وسط دعوات لاحتجاجات حاشدة، أمس، سعى وزير الداخلية أحمد وحيدي، إلى بثّ الإحباط بنفوس الحراك الشعبي الذي امتد إلى أغلب المدن الرئيسية في بلاده.وقال إنه لن تكون هناك ثورة نتيجة للاحتجاجات المتواصلة. وأضاف وحيدي: «يعتقد أعداؤنا أنهم بإمكانهم أن يحققوا انقلاباً سياسياً من خلال دعم الاحتجاجات، لكن هذا من الغباء، لأنهم لا يعرفون شيئاً عن البلاد».وتابع وزير الداخلية «إن الشعب الإيراني يعرف أن التعاطف الأميركي والغربي مع إيران هو مصطنع فقط من أجل مصالحهم السياسية الخاصة». وأكد أن «مهمتنا ومهمة رجال الدين هي تثقيف هؤلاء الشباب الذين يستقبلون صورة كاذبة عن الغرب من خلال وسائل التواصل».في غضون ذلك، قدّم وزير التعليم الإيراني، يوسف نوري، أول تأكيد على اعتقال عدد من أطفال المدارس وطلاب الجامعات خلال الاحتجاجات. وذكرت صحيفة شرق المؤيدة لجبهة الإصلاح أنه رفض الإعلان عن عدد هؤلاء المعتقلين، واكتفى بالقول إن المعتقلين وضعوا «في مركز للأمراض النفسية» لا السجن.وبعد أيام 3 من تأكيد رئيس السلطة القضائية غلام حسين إجئي استعداده للدخول في حوار مع الشباب المنتفض، وجّه القضاء الإيراني اتهامات إلى العشرات على خلفية الاحتجاجات.وذكر موقع ميزان، التابع للسلطة القضائية، أنه تم توجيه الاتهام لـ 60 شخصاً في طهران و65 شخصاً آخرين في محافظة هرمزكان موقوفين لضلوعهم فيما سمّاه «أعمال شغب» وقعت أخيراً.احتجاجات وإضرابات
وتزامنًا مع استمرار الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في عدة مناطق متفرقة بينها طهران وشيراز وبيجان وسنندج، أضرب التجار والباعة في بعض مدن محافظة كردستان، فيما أغلقت المحال التجارية أبوابها في عدد من مدن محافظتَي أذربيجان الغربية وكرمانشاه. ورغم تهديدات أطلقتها المؤسسات الأمنية، أغلق أصحاب المحال في سنندج ومهاباد وبوكان وسقز وبانه متاجرهم أمس.ولأول مرة، انضم التجار في مدينة سربول ذهاب في محافظة كرمانشاه إلى الإضراب العام المؤيد للحراك الشعبي.وفي الوقت الذي تعصف الاحتجاجات المناهضة للحكومة بالمدن والبلدات في إيران للأسبوع الرابع، خرج عشرات الآلاف من الإيرانيين الذين يعيشون بالخارج في شوارع أوروبا وأميركا الشمالية وخارجها لدعم ما يعتقد الكثيرون أنه «لحظة فاصلة لبلدهم الأم». في هذه الأثناء، أفادت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية المعارضة، أمس، بارتفاع عدد قتلى الاحتجاجات إلى 201 شخص، بينهم 23 طفلاً. وقالت المنظمة إن القتلى سقطوا في 18 محافظة، مشيرةً إلى أن غالبيتهم سقطوا في محافظات سيستان وبلوشستان وكردستان وأذربيجان الغربية.وعبّرت عن القلق إزاء حجم القمع في مدينة سنندج، عاصمة محافظة كردستان، المنطقة التي تتحدر منها أميني في غرب إيران.في السياق، كشفت نقابة الصحافيين الإيرانيين، عن اعتقال 23 صحافيا في البلاد خلال الأحداث الأخيرة.طهران - فرزاد قاسمي
اعتقال 23 صحافيّاً خلال الاضطرابات... والإضراب يحتدم في مختلف المحافظات الكردية