احتجاجات إيران تفكك حكومة رئيسي
وزراء يرفضون تنفيذ أوامر رئاسية ويتصدون لضغوط الاستقالة باشتراط موافقة خامنئي
• عبداللهيان يتهم أنصار الرئيس بالعيش في العصر الحجري
• رئيسي يتجاهل نصيحة المرشد... ودعم «الحرس» لتوريث مجتبى يثير حفيظته
تقترب الاحتجاجات، التي اندلعت في إيران، بسبب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني بعد توقيفها من شرطة الآداب لمخالفتها قواعد ارتداء الحجاب، من إتمام شهرها الأول، في وقت تبدو السلطات، للمرة الأولى، عاجزة عن إيقافها بعد اتساع مداها الجغرافي ومشاركة شرائح اجتماعية وعمرية متعددة فيها. وفي ظل هذا الفشل، تواجه حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي احتمال التفكك، في وقت علمت «الجريدة» من مصدر في مكتب رئيسي أن الأخير منح نائبه الأول محمد مخبر ورئيس مكتبه غلام حسين إسماعيلي الحق في «إقصاء كل من يغرد خارج السرب».وقال المصدر إن الرئيس مستاء من وزير التراث والسياحة عزت الله ضرغامي؛ لمعارضته قرار وقف الإنترنت وإغلاق محطات التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن مخبر طلب من ضرغامي، الذي كان أحد المنافسين في انتخابات الرئاسة الأخيرة قبل أن ينسحب لمصلحة رئيسي، تقديم استقالته، إلا أن ضرغامي الذي شغل سابقاً منصب رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، رفض، مشترطاً أن يطالبه المرشد الأعلى علي خامنئي بذلك.
وذكر أن لائحة الوزراء «المغضوب عليهم» تشمل أيضاً نائب الرئيس للشؤون الاقتصادية، محسن رضائي، الذي يعد أحد معارضي السياسات الاقتصادية للحكومة وأدائها خلال الاحتجاجات، مضيفاً أن اللائحة تضم وزير الطرق والمواصلات رستم قاسمي، ووزير النفط جواد أوجي، ووزير الصناعة سيد رضا فاطمي أمين.ولفت إلى أن رئيسي عبّر، خلال أحد الاجتماعات، عن استيائه من وزير التربية علي رضا كاظمي ووزير العلوم والتعليم العالي محمد علي زلفي غل لمعارضتهما الإجراءات العقابية تجاه طلاب المدارس والجامعات والمعلمين والأساتذة والموظفين المشاركين في الاحتجاجات، ومعارضتهما دخول القوى الأمنية للجامعات والمدارس لاعتقال المحتجين. وأكد المصدر أن وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان لم يسلم من غضب رئيسي، مضيفاً أن عبداللهيان تصدى علناً للرئيس في آخر اجتماع حكومي وأكد أنه لم يعد يستطيع الدفاع عن تلك القرارات أمام المجتمع الدولي قبل أن يتهم رئيسي وأعوانه بأنهم يعيشون في «العصر الحجري».وقبل أسبوع، أقال رئيسي نائبه لشؤون المناطق الحرة في البلاد سعيد محمد، الذي كان يعتبر أحد أقوى منافسيه من التيار الأصولي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة قبل انسحابه من السباق. وحسب المصدر، فإن رئيسي استشار خامنئي الخميس الماضي بشأن إجراء تغيير حكومي إلا أن المرشد نصحه بالتريث، معتبراً أن أي تغيير قد يحسب انتصاراً للمحتجين. لكن المصدر المقرب جداً من الرئيس الإيراني كشف أن الأخير مصر على القيام بتعديل حكومي في أقرب وقت رغم نصيحة المرشد.وجميع الوزراء السابق ذكرهم محسوبون على الحرس الثوري. وقد زادت الخلافات في الآونة الأخيرة بين مندوبي الحرس في الحكومة ومجلس الشورى الإسلامي مع أنصار رئيسي، خصوصاً بعدما واجه المرشد مشاكل صحية وعاد الحديث بقوة عن خلافته، وقد فوجئ رئيسي بأن أنصار الحرس يدعمون توريث مجتبى خامنئي لمنصب والده ويرفضون تولي رئيسي المنصب. وخرجت هذه الخلافات إلى العلن قبل أسبوعين خلال التصويت على منح الثقة لمحمد هادي زاهدي وفا وزير العمل والرفاه الاجتماعي باقتراح من رئيسي الذي اضطر لأخذ إذن خاص من المرشد لإبقاء زاهدي وفا في منصبه ريثما يتم تعيين خلف له.وحسب الدستور الإيراني، إذا وصل عدد الوزراء الذين سيتم تغييرهم إلى نصف أعضاء الحكومة فإن الرئيس يحتاج إلى إعادة أخذ ثقة مجلس الشورى (البرلمان) على جميع أعضاء الحكومة. وفي حال الوصول إلى هذا السيناريو، سيحتاج رئيسي إلى دعم خامنئي أو يواجه فشل حكومته في استعادة الثقة. ويتهم أنصار الحرس أنصار رئيسي بأنهم المتسببون الرئيسيون في انطلاق الاحتجاجات الأخيرة في البلاد مع الإصرار على تحريك الشارع عبر شرطة الآداب وفرض القوانين الشرعية الإسلامية على الناس، في حين أن النظام غض الطرف سنوات طويلة عن قانون الحجاب الإلزامي طالما أن السيدات في المجتمع يحترمن القانون بشكل نسبي.وكان رئيسي زاد ميزانية شرطة الآداب بنسبة ضخمة جداً، وأجبر الشرطة مقابل ذلك على استخدام عدد كبير من أنصاره وأنصار والد زوجته أحمد علم الهدى (نائب ولي الفقيه في مدينة مشهد) من الأصوليين المتطرفين في هذه الشرطة لفرض القوانين الشرعية على الناس بالقوة، وفي النهاية جاءت شرارة مهسا أميني لتظهر غضباً كبيراً داخل المجتمع.
بايدن يشيد بشجاعة الإيرانيات
دعا الرئيس الأميركي جو بايدن قادة إيران إلى عدم التعامل بعنف مع المحتجين، مؤكداً أن الولايات المتحدة تقف مع «النساء الشجاعات» بعد أن تسببت الاحتجاجات الحاشدة في «صدمة أيقظت شيئاً لا أعتقد أنه سيهدأ قبل فترة طويلة جداً».وأضاف بايدن أن «النساء في جميع أنحاء العالم يتعرضن للاضطهاد بطرق مختلفة، لكن يجب السماح لهن بارتداء ما يردن، يجب ألا يحدد لهن أحد ما يجب ارتداؤه».من جهة أخرى، فتحت شرطة طهران، أمس، تحقيقاً في حادثة تحرش أحد عناصرها بامرأة كانت تقود احتجاجات بشأن حقوق النساء في ساحة الأرجنتين، حسبما ظهر في مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع. ويظهر الفيديو الذي تسبب في موجة غضب واسعة، قيام مجموعة كبيرة من رجال الأمن بمحاصرة امرأة في الشارع وتحرش أحدهم بها قبل السماح لها بالذهاب.