احتفى الأديب الجزائري شاكر بوعلاقي، بصدور روايته الجديدة (الأنثى والحب)، وهو الكتاب الرابع الذي يحمل توقيعه، بعد ثلاثة دواوين، تدور في فلك الحُب والمرأة، وهي: «مملكة العشاق»، و«اعترافات امرأة عاشقة»، و«أنا والحب والمطر». وفي حوار أجرته معه «الجريدة»، قال بوعلاقي، الذي يتنوع إبداعه بين الشعر والسرد وكتابة الأغنية، إنه يجد نفسه حاضرة أكثر حين يكتب عن الحُب، لافتاً إلى أن روايته الجديدة تحمل رسالة مفادها ضرورة التمسك بالمبادئ، وبمن نحب حتى آخر لحظة، وانتقد تراجع دور النقد في بلاده، في مقابل وجود ما سماه «الظواهر الطفيلية المتثاقفة» التي عكَّرت صفو المشهد الثقافي الراهن، وفيما يلي نص الحوار:• ما فلسفتك في الحياة التي كانت وراء اتجاهك صوب الإبداع؟ـ أنا فرد ينتمي إلى المنظومة البشرية التي تنعم بأحضان السيرورة الإنسانية، أحاول ومنذ لحظاتي الأولى بالحياة أن أسعى إلى عالم المحبة والهدوء وبساطة العيش ونقائه. تواق لكل أشكال وأنواع الأدب والكتابة والفن، لأنني أرى فيها المتنفس الذي يهبني نسائم الصداقة والصدق. فأنا من أسرة عريقة مولعة بالأدب والفن. أرى أن الحياة جديرة بأن تُعاش بكل لحظاتها وأوقاتها، بوفاقها وتقلبها، بصداقتها وغدرها، وبفرحها وحزنها، ولا أدع مفردات اليأس والضعف والاستكانة تتسلل إلى قاموس حياتي، بل أعيش كما يحلو للحب والإرادة والانطلاق والعفوية أن يسيروا بي إلى الآفاق.ولي فلسفة أنطلق منها في كتاباتي، ألخصها في ضرورة أن يؤمن الإنسان بنفسه أولاً، ويتمسك بمبادئه مهما حدث. فأنا أجد نفسي حاضرة أكثر حين أكتب عن الحب وكل المشاعر والأحاسيس التي تختلج صدر الإنسان.• كيف كانت بدايتك مع الكتابة؟- عندما بدأت أحس بتناغم مشاعري وأحاسيسي مع أذني لدى تلقيها معاً لأنغام عذبة وألحان رقيقة وقصائد مبعثرة في ملكوت الحس العميقة. إن عالم الكتابة والأدب والاستماع إلى أغاني عبدالحليم حافظ وأم كلثوم ووردة الجزائرية وفايزة أحمد وغيرهم من نجوم الزمن الجميل بجانب فناني جيل التسعينيات هو ما شدني إلى عالم الكتابة بلطف وحنان منذ تجاوزي السنوات الأولى من عمري وتعلمي الأبجدية العربية في مدرستنا ومن أسرتي التي كانت تهتم بالشعر والفن بدرجة كبيرة، فتشكَّلت علاقة قوية بيني وبين هذا العالم، فحين كنت أسير في إحدى الطرقات أدندن بأغنية لعبدالحليم حافظ، فجأة وجدت نفسي أقول شعراً من إبداعي، وأحسست لحظتها أنني ملكت الدنيا، وكأنني عصفور تحرر من القفص. هنا أدركتُ أنني سأصبح ذات يوم أديباً، وبات الشعر بالنسبة لي بمنزلة الوتين أو العصب الرئيس للقلب، إذا انقطع مات صاحبه. أما الشعر النثري تحديداً والرواية، فقد جذباني إليهما من خلال أشعار نزار قباني، وروايات إحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي ونجيب محفوظ وطه حسين، لذا قررت أن أدخل عالم السرد وقصيدة النثر، بعد أن وجدت نفسي أستطيع أن أضيف لمستي الإبداعية إلى هذه الألوان الأدبية.• يتنوع إبداعك بين الشعر وكتابة الأغنية والرواية... أي هذه الأجناس الأدبية أقرب إليك؟ـ أعشقها جميعاً، ولا أستطيع أن أتخلى عن أي منها. لقد أضحت كالمخدر الذي يسري في أنحاء جسدي، فإذا مر يوم ولم أكتب فيه أشعر بحزن شديد، وهذه حالتي مع الكتابة، لكن دعني أقول إن الأقرب لي هو كتابة الأغاني، ولا أعرف السبب، ربما لأنها حلَّت أولاً في مسيرتي الإبداعية، أو ربما تمثل أول حُب في حياتي، لذا دائماً أميل أكثر إلى كتابة الأغاني. • كتابة الأغنيات بلهجات عربية مختلفة يحتاج إلى دراية واسعة بهذه اللهجات العامية، كيف تحقق لك ذلك؟ـ تحقق ذلك من خلال خبرتي الواسعة في الاستماع إلى الأغاني الشرقية ومشاهدة المسلسلات المصرية، وقراءة كلمات أغاني الفنانين والفنانات العرب التي كانت ولا تزال تنشرها جريدة «بانوراما» الجزائرية، مما ساعدني كثيراً في بداية مشواري الأدبي.• لك ثلاثة دواوين شعرية (مملكة العشاق، واعترافات امرأة عاشقة، وأنا والحب والمطر) ورواية بعنوان «الأنثى والحب»... ما حكايتك مع العشق والنساء؟!ـ العشق هو جزء من حياتنا ونجاحاتنا، يعطينا قوة إيجابية كي نعبِّر عمَّا بداخلنا من مشاعر نحو الآخرين، ونعبر به إلى بر الأمان، لذا تجد الحُب حاضراً دائماً في قلوبنا في كل زمان ومكان، حتى لو أخفيناه في أعماقنا، فإن عيوننا تفضحنا، كما تقول وردة الجزائرية في أغنيتها الشهيرة «لولا الملامة»: (بنحب يا ناس نكدب لو قلنا مابنحبش/ بنحب يا ناس ولا حدش في الدنيا ماحبش/ والدنيا يا ناس من غير الحب ماتنحبش).أما حكايتي مع النساء، فهي رحلة طويلة مليئة بالحب والمشاعر الصادقة. عندما كنت في السادسة عشرة من عمري، أحببت فتاة من حينا بجنون، وقد غيَّر حُبها حياتي، وأعطاني قوة كبيرة في كتاباتي آنذاك، والآن أعيش قصة حُب كبيرة أيضاً.• حدثنا عن الخط العام لروايتك الجديدة (الأنثى والحب)، وما الرسالة الأساسية التي تحملها للقارئ؟- تدور أحداث الرواية عن قصة حُب بين شاب يُدعى خالد وفتاة اسمها أمينة. يتقدم خالد لخطبتها، لكن والدها يرفض زواجهما، بسبب طمعه من أجل السُّلطة، لكن الحُب يكون أقوى من السُّلطة والنفوذ، فيقرر العاشقان الهروب معاً إلى مكان بعيد ويتزوجان. أما الرسالة التي أريد إيصالها للقارئ، فهي أن يتمسك الإنسان بمبادئه وبمَنْ يحب حتى آخر لحظة من عمره، مهما كانت الظروف، فالحب الحقيقي دائماً هو المنتصر في الأخير.• في ظل ما يُقال عن تراجع دور النقد عربياً، إلى أي مدى تناول النقاد أعمالك في الجزائر؟ - لم يشهد النقد الثقافي، لاسيما الأدبي، تقهقراً وتراجعاً كما حاله اليوم. تراجعٌ تعود بداياته إلى عقود خلت، وتحديداً منذ بداية الذوبان بالنقد الغربي، وزاد من تفاقم الأمور تفشي الظواهر الطفيلية المتثاقفة، التي كرَّست نفسها في موقع النقاد للنتاجات الثقافية والفنية المتنوعة، فسلبت من المشهد الثقافي الحقيقي رونقه، وعكَّرت صفوه وجماليته وجودته. أما عن أعمالي، فلم يتم نقدها ودراستها بعد من طرف أي ناقد. • ما الجديد الذي تعكف على كتابته حالياً؟- لديَّ أعمال روائية قيد الطبع، وأعكف حالياً على إنجاز ديوان شعر بعنوان «هكذا قالت لي السمراء». وفيما يخص كتابة الأغاني، فقد تم تلحين أغنية بعنوان «قولوا له» من كلماتي وألحان موسيقار مصري.
توابل - ثقافات
شاكر بوعلاقي: أجد نفسي حين أكتب عن الحُب
17-10-2022
احتفى الأديب الجزائري شاكر بوعلاقي، بصدور روايته الجديدة (الأنثى والحب)، وهو الكتاب الرابع الذي يحمل توقيعه، بعد ثلاثة دواوين، تدور في فلك الحُب والمرأة، وهي: «مملكة العشاق»، و«اعترافات امرأة عاشقة»، و«أنا والحب والمطر». وفي حوار أجرته معه «الجريدة»، قال بوعلاقي، الذي يتنوع إبداعه بين الشعر والسرد وكتابة الأغنية، إنه يجد نفسه حاضرة أكثر حين يكتب عن الحُب، لافتاً إلى أن روايته الجديدة تحمل رسالة مفادها ضرورة التمسك بالمبادئ، وبمن نحب حتى آخر لحظة، وانتقد تراجع دور النقد في بلاده، في مقابل وجود ما سماه «الظواهر الطفيلية المتثاقفة» التي عكَّرت صفو المشهد الثقافي الراهن، وفيما يلي نص الحوار:• ما فلسفتك في الحياة التي كانت وراء اتجاهك صوب الإبداع؟ـ أنا فرد ينتمي إلى المنظومة البشرية التي تنعم بأحضان السيرورة الإنسانية، أحاول ومنذ لحظاتي الأولى بالحياة أن أسعى إلى عالم المحبة والهدوء وبساطة العيش ونقائه. تواق لكل أشكال وأنواع الأدب والكتابة والفن، لأنني أرى فيها المتنفس الذي يهبني نسائم الصداقة والصدق. فأنا من أسرة عريقة مولعة بالأدب والفن. أرى أن الحياة جديرة بأن تُعاش بكل لحظاتها وأوقاتها، بوفاقها وتقلبها، بصداقتها وغدرها، وبفرحها وحزنها، ولا أدع مفردات اليأس والضعف والاستكانة تتسلل إلى قاموس حياتي، بل أعيش كما يحلو للحب والإرادة والانطلاق والعفوية أن يسيروا بي إلى الآفاق.ولي فلسفة أنطلق منها في كتاباتي، ألخصها في ضرورة أن يؤمن الإنسان بنفسه أولاً، ويتمسك بمبادئه مهما حدث. فأنا أجد نفسي حاضرة أكثر حين أكتب عن الحب وكل المشاعر والأحاسيس التي تختلج صدر الإنسان.• كيف كانت بدايتك مع الكتابة؟- عندما بدأت أحس بتناغم مشاعري وأحاسيسي مع أذني لدى تلقيها معاً لأنغام عذبة وألحان رقيقة وقصائد مبعثرة في ملكوت الحس العميقة. إن عالم الكتابة والأدب والاستماع إلى أغاني عبدالحليم حافظ وأم كلثوم ووردة الجزائرية وفايزة أحمد وغيرهم من نجوم الزمن الجميل بجانب فناني جيل التسعينيات هو ما شدني إلى عالم الكتابة بلطف وحنان منذ تجاوزي السنوات الأولى من عمري وتعلمي الأبجدية العربية في مدرستنا ومن أسرتي التي كانت تهتم بالشعر والفن بدرجة كبيرة، فتشكَّلت علاقة قوية بيني وبين هذا العالم، فحين كنت أسير في إحدى الطرقات أدندن بأغنية لعبدالحليم حافظ، فجأة وجدت نفسي أقول شعراً من إبداعي، وأحسست لحظتها أنني ملكت الدنيا، وكأنني عصفور تحرر من القفص. هنا أدركتُ أنني سأصبح ذات يوم أديباً، وبات الشعر بالنسبة لي بمنزلة الوتين أو العصب الرئيس للقلب، إذا انقطع مات صاحبه. أما الشعر النثري تحديداً والرواية، فقد جذباني إليهما من خلال أشعار نزار قباني، وروايات إحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي ونجيب محفوظ وطه حسين، لذا قررت أن أدخل عالم السرد وقصيدة النثر، بعد أن وجدت نفسي أستطيع أن أضيف لمستي الإبداعية إلى هذه الألوان الأدبية.• يتنوع إبداعك بين الشعر وكتابة الأغنية والرواية... أي هذه الأجناس الأدبية أقرب إليك؟ـ أعشقها جميعاً، ولا أستطيع أن أتخلى عن أي منها. لقد أضحت كالمخدر الذي يسري في أنحاء جسدي، فإذا مر يوم ولم أكتب فيه أشعر بحزن شديد، وهذه حالتي مع الكتابة، لكن دعني أقول إن الأقرب لي هو كتابة الأغاني، ولا أعرف السبب، ربما لأنها حلَّت أولاً في مسيرتي الإبداعية، أو ربما تمثل أول حُب في حياتي، لذا دائماً أميل أكثر إلى كتابة الأغاني. • كتابة الأغنيات بلهجات عربية مختلفة يحتاج إلى دراية واسعة بهذه اللهجات العامية، كيف تحقق لك ذلك؟ـ تحقق ذلك من خلال خبرتي الواسعة في الاستماع إلى الأغاني الشرقية ومشاهدة المسلسلات المصرية، وقراءة كلمات أغاني الفنانين والفنانات العرب التي كانت ولا تزال تنشرها جريدة «بانوراما» الجزائرية، مما ساعدني كثيراً في بداية مشواري الأدبي.• لك ثلاثة دواوين شعرية (مملكة العشاق، واعترافات امرأة عاشقة، وأنا والحب والمطر) ورواية بعنوان «الأنثى والحب»... ما حكايتك مع العشق والنساء؟!ـ العشق هو جزء من حياتنا ونجاحاتنا، يعطينا قوة إيجابية كي نعبِّر عمَّا بداخلنا من مشاعر نحو الآخرين، ونعبر به إلى بر الأمان، لذا تجد الحُب حاضراً دائماً في قلوبنا في كل زمان ومكان، حتى لو أخفيناه في أعماقنا، فإن عيوننا تفضحنا، كما تقول وردة الجزائرية في أغنيتها الشهيرة «لولا الملامة»: (بنحب يا ناس نكدب لو قلنا مابنحبش/ بنحب يا ناس ولا حدش في الدنيا ماحبش/ والدنيا يا ناس من غير الحب ماتنحبش).أما حكايتي مع النساء، فهي رحلة طويلة مليئة بالحب والمشاعر الصادقة. عندما كنت في السادسة عشرة من عمري، أحببت فتاة من حينا بجنون، وقد غيَّر حُبها حياتي، وأعطاني قوة كبيرة في كتاباتي آنذاك، والآن أعيش قصة حُب كبيرة أيضاً.• حدثنا عن الخط العام لروايتك الجديدة (الأنثى والحب)، وما الرسالة الأساسية التي تحملها للقارئ؟- تدور أحداث الرواية عن قصة حُب بين شاب يُدعى خالد وفتاة اسمها أمينة. يتقدم خالد لخطبتها، لكن والدها يرفض زواجهما، بسبب طمعه من أجل السُّلطة، لكن الحُب يكون أقوى من السُّلطة والنفوذ، فيقرر العاشقان الهروب معاً إلى مكان بعيد ويتزوجان. أما الرسالة التي أريد إيصالها للقارئ، فهي أن يتمسك الإنسان بمبادئه وبمَنْ يحب حتى آخر لحظة من عمره، مهما كانت الظروف، فالحب الحقيقي دائماً هو المنتصر في الأخير.• في ظل ما يُقال عن تراجع دور النقد عربياً، إلى أي مدى تناول النقاد أعمالك في الجزائر؟ - لم يشهد النقد الثقافي، لاسيما الأدبي، تقهقراً وتراجعاً كما حاله اليوم. تراجعٌ تعود بداياته إلى عقود خلت، وتحديداً منذ بداية الذوبان بالنقد الغربي، وزاد من تفاقم الأمور تفشي الظواهر الطفيلية المتثاقفة، التي كرَّست نفسها في موقع النقاد للنتاجات الثقافية والفنية المتنوعة، فسلبت من المشهد الثقافي الحقيقي رونقه، وعكَّرت صفوه وجماليته وجودته. أما عن أعمالي، فلم يتم نقدها ودراستها بعد من طرف أي ناقد. • ما الجديد الذي تعكف على كتابته حالياً؟- لديَّ أعمال روائية قيد الطبع، وأعكف حالياً على إنجاز ديوان شعر بعنوان «هكذا قالت لي السمراء». وفيما يخص كتابة الأغاني، فقد تم تلحين أغنية بعنوان «قولوا له» من كلماتي وألحان موسيقار مصري.