أكدت الكاتبة جميلة سيد علي أن الخيال العلمي نوع من الكتابة السردية؛ سواء كانت رواية أو قصة قصيرة، حيث تمتزج فيها الكثير من الفنون الأدبية كالفانتازيا وخيال الكاتب، إضافة إلى النواحي السحرية والخارقة بهدف نقل أشياء غير متوقعة للقارئ من خلال النص الأدبي الذي يقوم الكاتب بكتابته.وأوضحت علي أن كتابات الخيال العلمي فن ليس حديثاً، فهو موجود منذ القرون الماضية في الأدب الغربي، لافتة إلى أنه بالنسبة إلى الكتابات العربية في هذا الخصوص فإنه منذ بداية كتابة «ألف ليلة وليلة» و«حي بن يقظان»، كان هناك خيال علمي، حيث كان يتم تطعيم الكتابات بأمور مستهدفة بالناحيتين العلمية والفلسفية.
جاء ذلك خلال محاضرة قدّمتها سيد علي، بعنوان «أدب الخيال العلمي» أقيمت أخيرا في رابطة الأدباء الكويتيين، وأدارها عبدالله الخشمان.وكشفت علي أن الخيال العلمي نوعان؛ أحدهما يتمثل في خيال علمي كامل يضعه الكاتب ويدهش الجميع، ومثال على ذلك روايات «عشرون ألف فرسخ تحت الماء»، و«حول العالم في عشرين يوما» حيث استطاع جول فيرن أن يذهل العالم في وصفه الدقيق للغواصة، وأيضا الكاتب الإنكليزي هربرت جورج ويلز، صاحب فيلم «آلة الزمن».
الاستنساخ
وأضافت: أن الخيال العلمي يوجد ونعيشه في تفاصيل حياتنا اليومية، بعد أن أصبحت العلوم تدخل في كل جزئيات الحياة والتطور يمسّ جميع النواحي، وبالتالي من الضروري الاندماج والتفاعل معه مع محاولة نقله للقارئ. وعن الحاجة إلى الخيال العلمي قالت علي: «إنه واقع نعيشه في حياتنا، ولننظر إلى ما حدث قبل عامين فيما يتعلّق بجائحة كورونا وما صاحبها من أمور طبية وعلمية، وكذلك التطور التكنولوجي والسفر عبر الفضاء والكواكب، فكل هذه الأشياء أصبحت ملموسة في حياتنا، حاليا عبر وسائل الاتصالات الحديثة نستطيع رؤية الأشخاص في قارات أخرى عبر الصورة، ونتحدث معهم بالصوت ونشاركهم في جميع المناسبات من خلال الهاتف، فكل ذلك يمثّل إعجازا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى موضوع الاستنساخ وتحويل الإنسان الذي يتكون من دم ولحم إلى مجرد آلة بشرية تحمل الشكل والجينات، لكنّها مجردة من العواطف، حيث تم استحداثها لكي تناسب أزمنة عصرية مستقبلية».وذكرت علي أن الخيال العلمي أصبح ضرورة تتطلّب الفهم وزيادة المعلومات بشأنه فيما يخصّ كيف سيكون المستقبل حتى لا نفاجأ بالتطورات التي تحدث، وفي المقابل لا بدّ من تحكيم العقل حتى لا نكون مسيّرين خلف من يملك المعلومة، وبالتالي لا بدّ من التوسع في القراءة والبحث والمقارنة بين كتاب الخيال العلمي حتى نستطيع الحكم في النهاية على مصداقية تطبيق هذه الآلية في الأدب والحياة.الروبوت
وحول ما إذا كان الخيال العلمي مجرّد توقّعات واستشراف للمستقبل أم أنه يعالج قضايا واقعية نعيشها حاليا أجابت علي أنها تعتبر الخيال العلمي يحتوي على كل الأمور مجتمعة، حيث إنه يتضمن استشراف للمستقبل، وبالتوازي يعالج أمورا واقعية نعيشها بحياتنا، لافتة إلى أنه علينا أن ننظر إلى «الروبوت» الذي لم يعد بالشكل الآلي فقط، وإنّما يظهر بشكل إنساني، وكذلك هناك الذكاء الاصطناعي الذي أوصلنا إلى مرحلة أن المريض يستطيع أن يدخل بياناته عن طريق الكمبيوتر ويحدد معاناته المرضية ومن خلال برمجة بسيطة يتم الرد عليه عبر الذكاء الاصطناعي، ويحدد نوع مرضه وطرق علاجه، وأيضا يمكن أن يتم إجراء عملية جراحية في نفس مكان الوجود «أون لاين» من بلد إلى آخر. وبيّنت علي أن كاتب الخيال العلمي يصوغ الأسلوب في نسيج أدبي علمي، حيث يكون القارئ على دراية ومعرفة بأن هذه الأمور ستكون في حياتنا جزءا رئيسيا مع مرور الأيام، بل وستدخل في الكثير من الأمور الحياتية في المستقبل، لدرجة أن الكثير من الوظائف ستنتهي، وسيحل مكانها الذكاء الاصطناعي، نظرا لقدرته على تخزين المعلومات، ومن هذه الوظائف على سبيل المثال الطبيب، والمحامي.العنكبوت
وأضافت: بناء على ذلك، فإنّ كاتب الخيال العلمي يحاول أن يستشرف مثل هذه الأمور ويوصلها إلى القارئ، لكن الشيء المهم أن يضع الكاتب بياناته بشكل وأسلوب مقنع للقارئ، عبر صياغة الدلائل والمبررات والبراهين بما يطرحه من أفكار.وكشفت أنها درست لسنتين في كلية الطب، وأنها تميل كثيرا إلى الدراسات العلمية التي بدأها في الوطن العربي د. مصطفى محمود في روايتَي «العنكبوت» و«رجل تحت الصفر»، حيث بدأ بإدخال الخيال العلمي إلى الأدب العربي، وكذلك د. يوسف إدريس، الذي يعتبر والد القصة القصيرة الحديثة، واستطاع أن يطعّم كتاباته بالخيال العلمي، وهذا يختلف عن كتابات نجيب محفوظ أو أيّ من الكتّاب، بالرغم من إبداع الجميع، لكنّ علي أكدت أن حب اللغة العربية هي دافعها الأول لتجسيد جميع أفكارها، بما في ذلك ما يرتبط بالخيال العلمي.