يقال إن الخلافات السياسية تقتصر على الشؤون الداخلية ولا تمتد إلى السياسة الخارجية، أو هكذا كان الوضع على الأقل في عام 1947، حين عبّر السيناتور السابق، آرثر فاندنبرغ، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، عن هذه الفكرة، لكن بعد تسلل الانتماءات الحزبية إلى السياسة الخارجية الأميركية في السنوات الأخيرة، بدأت الانتخابات النصفية المرتقبة في الشهر المقبل تزيد المخاوف من احتمال أن تؤثر الانتخابات في الدعم الأميركي لأوكرانيا في ظل استمرار حربها ضد روسيا حتى الشتاء. يتوقع الكثيرون أن يسترجع الجمهوريون سيطرتهم على مجلس النواب، وأن يبقى مستقبل مجلس الشيوخ مُعلّقاً، فقد كان دعم الحزبَين الجمهوري والديموقراطي لأوكرانيا قوياً منذ بدء الحرب، لكن بدأ الأعضاء الموالون للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، والمحللون المؤثرون على قناة «فوكس نيوز» وفي أجزاء أخرى من معسكر اليمين، يشككون بحجم المساعدات العسكرية التي تقدّمها واشنطن.
اليوم، يُسبّب قرار تكثيف عمليات تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا شرخاً متزايداً داخل الحزب الجمهوري، بين الفريق المحافِظ الذي يؤيد استعمال القوة ويدعم التدخل الخارجي صراحةً، ومجموعة متزايدة من الشخصيات الانعزالية التي اكتسبت نفوذاً متوسّعاً في عهد ترامب.في خطاب أمام مجلس الشيوخ أواخر شهر سبتمبر، دعا زعيم الأقلية، السيناتور ميتش ماكونيل، إدارة بايدن إلى تسريع تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا.لكن يقول مساعِد جمهوري في الكونغرس: «لا يتعلق تردد الفريق الآخر في تقديم المساعدات المالية بأوكرانيا بحد ذاتها، بل بعجز إدارة بايدن عن مراقبة المبالغ الطائلة التي تصل إلى شريك أجنبي ومحاسبة المسؤولين عن هذه العملية بالشكل المناسب».لكن لا يجد آخرون مبرراً لانتقادات الحزب الجمهوري لطريقة تعامل إدارة بايدن مع المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وتقول ميليندا هاريغ، نائبة مدير مركز أوراسيا في المجلس الأطلسي: «أنا أعتبر انتقادات الجمهوريين لإدارة بايدن في الملف الأوكراني سخيفة، وأقول ذلك بصفتي واحدة من داعمي الحزب الجمهوري طوال حياتي وخبيرة في الشؤون الأوكرانية».لكن تبيّن أن آراء بعض الشخصيات على هامش الحزب الجمهوري قد تتأثر بالتوجهات السائدة في السنوات الأخيرة، وقد اتّضح ذلك مثلاً في تأييد الحزب للمزاعم المرتبطة بتزوير الانتخابات الرئاسية عام 2020، حتى أن معظم مرشّحي الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية، في شهر نوفمبر المقبل، شككوا في نتيجة الانتخابات أو رفضوها.تكشف استطلاعات الرأي أصلاً أن جزءاً من الناخبين الجمهوريين بدأ يتعب من الدعم الأميركي لأوكرانيا، وقد يؤثر هذا التوجه في أعضاء الحزب، فوفق استطلاع أجرته شركة «مورنينغ كونسلت»، الأسبوع الماضي، تبيّن أن 32% من الجمهوريين فقط مقتنعون بأن الولايات المتحدة تتحمّل مسؤولية حماية أوكرانيا والدفاع عنها ضد روسيا، مقابل 58% من الديموقراطيين، وتقول هاريغ: «من واجب كبار الجمهوريين أن يخرجوا من واشنطن ونيويورك ويبدؤوا التكلم مع الأميركيين، يجب أن نحسّن أداءنا ونفسّر السبب الذي يجعل دعم أوكرانيا جزءاً من المصالح الأميركية الوطنية».بين يناير وأكتوبر، تعهدت واشنطن بتقديم مساعدات عسكرية بقيمة 26.8 مليار دولار، وفق سجل تعقب الدعم لأوكرانيا في معهد «كيل» للاقتصاد العالمي، وتساوي هذه المبالغ أضعاف ما تقدّمه ثاني أكبر جهة مانحة، المملكة المتحدة، ونتيجةً لذلك، قد يطرح أي تخفيض في حجم المساعدات الأميركية إلى كييف تهديداً وجودياً على أوكرانيا.تقول أولينا تريغوب، الأمينة العامة لهيئة الدفاع المستقلة لمكافحة الفساد في أوكرانيا: «يظن الأوكرانيون أن الدعم الذي يتلقاه البلد يحظى بتأييد الحزبَين الأميركيَين، لكن ردود أفعال قوية تصدر، هنا في أوكرانيا، تجاه تصريحات يدلي بها دونالد ترامب أو المذيع تاكر كارلسون، إنها مواقف صادمة جداً بالنسبة إلى الأوكرانيين، إذ لا يصدّق الناس كيف تسلّلت الحملة الدعائية الروسية إلى الحزب الجمهوري الأميركي لهذه الدرجة». * «إيمي ماكينون»
مقالات
كييف تأمل فوز الجمهوريين في الانتخابات الأميركية النصفية
18-10-2022