أكد رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح: «إننا نستقبل عهدا جديدا بحاجة إلى رؤية جديدة للعمل الوطني تستند إلى أسس الإصلاح والالتزام بالحكمة والحفاظ على المكتسبات والمشاركة الفعالة لتحقيق الطموح والآمال الشعبية بعيدا عن أجواء الصراعات وتغليب المصالح الشخصية على حساب استقرار الوطن وتقدمه وازدهاره».وشدد سموه على أن الالتزام بمبدأ التعاون لا يجرد أي سلطة من اختصاصاتها أو مصادرة حقوق أعضائها، بل هي دعامة دستورية لتعزيز العمل المشترك وإقامة حوار ديموقراطي ونقد بناء، مضيفا: «تتطلع الحكومة إلى علاقة مثمرة مع مجلسكم الموقر، وستقدم برنامج عملها تطبيقا لأحكام المادة 98 من الدستور، مستوعبة مجمل أولويات المرحلة المقبلة، المتسمة بالواقعية وقابلية التنفيذ وفق برنامج زمني محدد. وكان لافتاً ما قاله سموه»، فقد صدر التوجيه السامي للوزراء بوضع آلية لاستقبال المواطنين وتذليل المعوقات كافة التي تواجه معاملاتهم وإيجاد الحلول لها، وإنهاء الملفات العالقة، وغلق أبواب الواسطة والمحسوبية، وإدراج خدمة المواطن عبر التطبيق الحكومي الموحد للخدمات الإلكترونية (تطبيق سهل)، للتواصل مع الوزراء مباشرة لتقديم المقترحات والشكاوى والملاحظات، كما تم توجيه الوزراء بالعمل على إعادة تقييم أداء القياديين وأسس اختيارهم وتجديدهم».جاء ذلك في الخطاب الأميري الذي ألقاه سمو رئيس مجلس الوزراء أمس في جلسة افتتاح دور الانعقاد العادي الأول للفصل التشريعي السابع عشر لمجلس الأمة، الذي افتتحه سمو نائب الأمير ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، وفيما يلي نص الخطاب الأميري لسموه:«بسم الله الرحمن الرحيم
{وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى}.
الحمد لله العزيز الحكيم الذي أفاض علينا من نعم لا تُحصى، وجعل لنا طريق الهداية ووفر لنا أسباب الخير والفلاح، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الأخ رئيس مجلس الأمة،،،
الأخوات والإخوة الأعضاء المحترمين،،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
أما بعد، وقد شرفني اليوم حضرة صاحب السمو أمير البلاد - حفظه الله ورعاه - بإلقاء الخطاب الأميري بمناسبة افتتاح دور الانعقاد العادي الأول للفصل التشريعي السابع عشر لمجلس الأمة الموقّر، فإنه يطيب لي أن أبارك لكم ثقة الشعب الكويتي وآمال أمامكم، متمنيا لكم باسمي واسم أخواتي وإخواني أعضاء الحكومة التوفيق والسداد في خدمة الوطن ورفعة شأنه.
كما أتقدم بأصدق آيات التقدير والاعتزاز لشعبنا الكريم الذي استجاب لرسائل وتوجيهات كلمة حضرة صاحب السمو الأمير وولي عهده الأمين - حفظهم الله ورعاهم - في خطابهم الموجه إلى أبناء الوطن العزيز في الثاني والعشرين من يونيو الماضي، لإعادة تصحيح مسار المشهد السياسي واختيار من يمثله بإرادة حقيقية، ضمن أجواء تتسم بالتنافس الشريف والاختيار الحر، لذا جاء المرسومان بقانون على وجه الاستعجال، إعمالا لحكم المادة (71) من الدستور بتعديل وإضافة عدد من المواد في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة، ليكون موطن الانتخاب معبرا عن المكان الذي يقيم به المواطن بصفة دائمة وفعلية والثابت ببطاقته المدنية.
الأخ رئيس مجلس الأمة،،،الأخوات والإخوة الأعضاء المحترمين،،،نلتقي اليوم لافتتاح دور الانعقاد الأول لمجلسكم الموقر، نستقبل عهدا جديدا بأجواء من التفاؤل والأمل والعزم على العمل الجاد ضمن أولويات وطنية، والأداء المسؤول والمضي نحو مرحلة جديدة من التعاون المنشود.
ولعلنا اليوم ونحن نستقبل عهدا جديدا بحاجة إلى رؤية جديدة للعمل الوطني، تستند إلى أسس الإصلاح، والالتزام بالحكمة والحفاظ على المكتسبات، والمشاركة الفعالة لتحقيق الطموح والآمال الشعبية، بعيدا عن أجواء الصراعات وتغليب المصالح الشخصية على حساب استقرار الوطن وتقدمه وازدهاره، وصيانة وحدتنا الوطنية التي تشكل صمام الأمان لروح المواطنة ووحدة الصف والكلمة، والحصن الحصين لحاضرنا ومستقبلنا كي نحمي بلادنا من الفتن والتفكك، ما يجعل من أمن البلاد واستقرار وحدتها وهيبة مؤسساتها همنا الأكبر مجلسا وحكومة.
الأخ رئيس مجلس الأمة،،،الأخوات والإخوة الأعضاء المحترمين،،،إننا أمام مسؤولية وأمانة وطن ومستقبل شعب كريم، وهي أمانة تكليف لا تشريف، نحن جميعا شركاء في حملها وصيانتها، توجب الحكمة واليقظة واتخاذ التدابير كافة التي رسمها الدستور، وأقرتها القوانين والأعراف البرلمانية، سبيلا لترسيخ مرحلة جديدة من العمل البناء المشترك امتثالا لأحكام المادة 50 من الدستور التي تؤكد مبدأ الفصل بين السلطات والتعاون بينها، بما يضمن احترام اختصاص كل منها وتقدير مسؤولياتها وتمكينها من إنجاز مهامها، من دون أي تجاوز أو تخطي للحدود الفاصلة بينها، وكذلك أحكام المادة 115 من الدستور، والتي تنص على عدم الجواز لعضو مجلس الأمة بأن يتدخل في عمل أي من السلطتين القضائية والتنفيذية.
إن التعاون الإيجابي والعلاقة القائمة على أسس من الحوار الديمقراطي بموجب أحكام الدستور يشكلان معا الأرضية الداعمة لوضع العلاقة بين السلطتين على مسارها الصحيح، بما يضمن استقرار الدولة وتحقيق مصالحها العليا والارتقاء بمقومات نهضتها.
إن الالتزام بمبدأ التعاون لا يجرد أي سلطة من اختصاصاتها أو مصادرة حقوق أعضائها، بل هي دعامة دستورية لتعزيز العمل المشترك وإقامة حوار ديمقراطي ونقد بناء.
الأخ رئيس مجلس الأمة،،،الأخوات والإخوة الأعضاء المحترمين،،، تتطلع الحكومة إلى علاقة مثمرة مع مجلسكم الموقر، وستقدم برنامج عملها تطبيقا لأحكام المادة 98 من الدستور، مستوعبة مجمل أولويات المرحلة المقبلة، المتسمة بالواقعية وقابلية التنفيذ وفق برنامج زمني محدد، بما يكفل تلبية وتطلعات المواطنين باعتبارهم محور اهتمام برنامج عمل الحكومة، وتعزيز رخائهم وتحسين معيشتهم والتفاعل مع تطلعاتهم ومعالجة همومهم، من خلال مراجعة أهداف ومعايير منظومة جودة التعليم، وتحسين الخدمات الصحية وتصويب مسار ملف العلاج في الخارج، وتطوير فلسفة الرعاية السكنية.
كما يتناول البرنامج مبادرات متعلقة باستدامة المالية العامة للدولة وتنويع مصادر الإيرادات غير النفطية، وإعادة هيكلة القطاع العام ومكافحة الفساد وتعزيز النزاهة، وتجفيف مصادر غسيل الأموال ومكافحة المخدرات، وتنفيذ المشروعات التنموية ومشاريع الطاقة المتجددة التي تسهم في دفع عجلة التنمية بالبلاد وتحقيق رؤية الكويت 2035 والتحول نحو الاقتصاد المعرفي، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي والاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تشكل محورا أساسيا في الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى معالجة اختلالات سوق العمل بوضع استراتيجيات تلائم مخرجات التعليم وفق احتياجات سوق العمل، والحد من تزايد أعداد الباحثين عن العمل خلال السنوات المقبلة، وزيادة دعم برامج تأهيل الشباب بما يحقق من تفعيل دورهم في بناء كويت المستقبل.
الأخ رئيس مجلس الأمة،،،الأخوات والإخوة الأعضاء المحترمين،،، لقد باشرت الحكومة باتخاذ خطوات جادة نحو تجسيد فاعلية العمل الحكومي، وتقوية مقومات الثقة بين المواطن والأجهزة الحكومية، وفي هذا المسعى، فقد صدر التوجيه السامي للوزراء بوضع آلية لاستقبال المواطنين وتذليل المعوقات كافة التي تواجه معاملاتهم وإيجاد الحلول لها، وإنهاء الملفات العالقة، وغلق أبواب الواسطة والمحسوبية، وإدراج خدمة المواطن عبر التطبيق الحكومي الموحد للخدمات الإلكترونية (تطبيق سهل)، للتواصل مع الوزراء مباشرة لتقديم المقترحات والشكاوى والملاحظات، كما تم توجيه الوزراء بالعمل على إعادة تقييم أداء القياديين وأسس اختيارهم وتجديدهم، وفقا لضوابط ومعايير عادلة لتقدير المجتهدين ومحاسبة المقصّرين، بالإضافة إلى استكمال جهود الجهات الحكومية لإجراءات التحول الرقمي للخدمات الحكومية، والعمل على تطوير بيئة الأعمال الحكومية تمهيدا للانتقال إلى الحكومة الرقمية وإنهاء المعاملات الورقية، لبدء مرحلة جديدة من التطور التقني الذي يتسق ورؤية دولة الكويت 2035.
وانطلاقا من اهتمام الحكومة ببذل العناية والاهتمام بالأمن الغذائي، فقد أنشأت «اللجنة الوطنية العليا لتعزيز منظومة الأمن الغذائي والمائي»، لوضع استراتيجية تستهدف تحقيق الأمن الغذائي والمائي، في حال تعرض البلاد للأزمات والمخاطر وحالات الطوارئ، ومواجهة تحديات التغير المناخي، وتعزيز الإنتاج الزراعي المحلي وتنويع محاصيله، وتكثيف كمياته وزيادة المخزون السمكي.
واتخذت الحكومة إجراءات نحو السعي للنهوض بالمشاريع السياحية في البلاد، وذلك بتوجيه الوزراء باتخاذ الإجراءات اللازمة بمتابعة وتنفيذ المشاريع بالتعاون مع القطاع الخاص، ومنها مشروع تطوير منتزه فيلكا السياحي، والمدينة الترفيهية، والمنتزه الثقافي الترفيهي في منطقة الوفرة الزراعية، وكذلك العمل على استحداث أول وزارة بتاريخ دولة الكويت تهتم بالمرأة والطفولة، لبناء مجتمع متوازن مترابط قائم على احترام حقوق المرأة وحماية الطفل، ضد أي انتهاك أو استغلال أو إساءة لهم بأي شكل من الأشكال، ولتعزيز دور المرأة الكويتية في بناء نهضة البلاد ومستقبلها، والعمل على تمكينها في مختلف الميادين تنفيذا لتوجيهات حضرة صاحب السمو أمير البلاد وسمو ولي عهده الأمين، حفظهما الله ورعاهما.
إن نهج الحكومة ثابت في حماية المال العام ولن تتوانى عن محاسبة وتقديم أي شخص للمحاكمة دون الاعتبار لمنصبه أو مكانته، متى ما ثبت تورطه بالمساس أو الإضرار بمكتسبات الدولة أو المال العام أو انتهاك القواعد القانونية، وتطهير بيئة الأعمال الحكومية من الفاسدين والقضاء على منابع الفساد وأسبابه، ومنع الكسب غير المشروع ومكافحة صور الرشوة كافة، واتخاذ الإجراءات القانونية حيال ذلك.
الأخ رئيس مجلس الأمة،،،الأخوات والإخوة الأعضاء المحترمين،،، يمر العالم أجمع بتحولات عميقة وبظروف حساسة ودقيقة، مليئة بالصراعات الإقليمية والدولية التي تؤثر على منطقتنا بالخليج العربي. والكويت ليست بمعزل عن دائرة الصراعات الإقليمية والاعتبارات والتسويات الدولية، وما ينتج عنها من تحديات يصعب حصرها إذا ما استمر الصراع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، الأمر الذي يتعين علينا في هذه الظروف الدقيقة مجلسا وحكومة وضع أساس ومنهج لمرحلة جديدة من التعاون المسؤول وتغليب الحكومة والحوار البناء الذي يقينا شر الفتن، وبذل العمل المشترك الجاد وتصويب الجهود وتحصين جبهتنا الداخلية، فنحن جزء من نظام عالمي متوتر يتصاعد فيه العنف وتتسع فيه دائرة النزاعات، واضعا آفاق الاقتصاد العالمي في مشهد مظلم، زاد من ظلمته اندلاع الصراع الروسي - الأوكراني وما نتج عنه من تأثر في استقرار الأسواق العالمية والإمدادات الغذائية، هذا كله والاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية بحق أبناء الشعب الفلسطيني ما زالت ماثلة أمام المجتمع الدولي.
إن الحكومة تعمل في هذا المجال على ترجمة التوجيهات الحكيمة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد وسمو ولي العهد - حفظهما الله ورعاهما - وما أقرته الثوابت الراسخة في سياسة الكويت الخارجية وتأخذ على عاتقها مسؤولية تحقيق أمنها الوطني والمتمثل بالحفاظ على سيادتها واستقلالها والالتزام بمبادئ القانون الدولي، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
الأخ رئيس مجلس الأمة،،،الأخوات والإخوة الأعضاء المحترمين،،، إن الكويت هي الأمانة التي عاهدنا الله جميعا على الوفاء بمسؤولياتها، فهي وجودنا الثابت وحصننا المنيع وواحة الأمن والأمان بعد الله سبحانه وتعالى، ما يوجب علينا تعزيز دولة القانون وسلامة النهج والحوار الديمقراطي، وإننا على ثقة بقدرتنا على الالتقاء والالتفاف على كلمة سواء، لقيادة مسيرة التقدم والنهضة والتنمية والإصلاح لوطننا العزيز، وهي قيادة تتطلب مقومات الاستقرار القائمة على الحكمة والموعظة الحسنة.
ونحن إذ نستقبل دور الانعقاد الأول، نعاهد سموكم على تكثيف الجهود لتحقيق الإنجازات ودعم المكتسبات، ومواجهة التحديات ونحفظ بلادنا ونصون كرامتها، لتبقى عزيزة شامخة مرفوعة الراية عالية الهامة في ظل قيادة حضرة صاحب السمو أمير البلاد وسمو ولي عهده الأمين، حفظكما الله ورعاكما.
ندعو الله العلي القدير أن يجعل حاضرنا خيرا من ماضينا، ومستقبلنا خيرا من حاضرنا، ويسبغ على بلادنا وشعبها الوفي الأمن والأمان، وأن يعيننا على أداء الأمانة، ويرشدنا الصواب ويوحد كلمتنا ويسدد خطانا لما فيه الخير للكويت وأهلها».