قليلاً من التواضع يا أعضاء المجلس
اضطر سمو رئيس مجلس الوزراء إلى تأجيل جلسة افتتاح المجلس إلى يوم الثلاثاء الموافق 18 أكتوبر الجاري، بدلا من الموعد الذي حدد من قبل وهو الأحد 16 أكتوبر، وكان من أسباب التأجيل النقد الذي أثاره كثير من النواب على التشكيل الحكومي الذي أعده سمو رئيس مجلس الوزراء، فرأى سموه أنه من الأفضل أن يجتمع مرة أخرى بالكتل النيابية في المجلس، والتفاهم معهم قبل أن يعلن التشكيل النهائي للحكومة، وقد يكون الرأي الذي ارتآه بعض النواب والذي يرى أن المجلس مدعو للانعقاد بقوة الدستور بعد خمسة عشر يوما من انتهاء الانتخابات كما نص الدستور على ذلك، قد تكون وجهة نظر صحيحة، لذا طالبوا بالحضور في ذلك التاريخ لكي لا يخالفوا مواد الدستور.وبالفعل وجد ما يقرب من أربعين نائبا واختاروا رئيس السن ليترأس جلسة الافتتاح، ومن ثم طالب رئيس السن برفع الجلسة لعدم حضور الحكومة، ومن أبرز من تحمس لهذا الرأي الوزيرة السابقة والنائبة الحالية د.جنان بوشهري، وبالرغم من اعتقادنا أن هذا الرأي الذي تبناه بعض النواب فيه نوع من الصواب، فإننا نعتقد في الوقت نفسه أنه مخالف لمادة في الدستور تنص على أن صاحب السمو أمير الدولة هو الذي يدعو المجلس للانعقاد. نأمل ألا يؤدي هذا الخلاف البسيط الذي حدث منذ البداية إلى توتر بين السلطتين، فلا شك أن ذلك التوتر له سلبياته الجسيمة على بلادنا الحبيبة، لذا نتمنى من الحكماء في المجلس أن تكون لهم إسهامات واضحة في تخفيف ذلك التوتر، ونرجو من الله أن يكون الحكماء في هذا المجلس كثراً، وأخص منهم الفاضل أحمد السعدون، لخبرته الطويلة في المجال البرلماني، ود.جنان بوشهري فقد كانت وزيرة سابقة وعانت ظلم المجلس، فتعاطف غالبية الشعب معها.
لذا أرى أن أهم إصلاح يحتاج إليه المجلس في هذه الظروف التركيز على تحسين العلاقة بين أعضاء المجلس والحكومة، وتحسين لغة الخطاب من أعضاء المجلس للوزراء، فعلى نوابنا الأفاضل ألا يعتقدوا أن رفع الصوت ومخاطبة الوزراء بالصوت العالي نوع من الشجاعة، وأنه يرهب الوزير ويخضعه لمطالب العضو، بل قد يكون دليلا على عدم تحضر هذا الإنسان أو تكبره، لذا نرى أن من أهم وصايا لقمان الحكيم لابنه، والتي طالب الإسلام أن يتحلى بها الشخص المسلم، جاءت في قوله تعالى: «وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ». ولو كان الصوت العالي رمزاً للشجاعة لما اتصف بها الحمار، ويعني هذا أن ديننا الحنيف ينفر من هذه الصفة المقيتة، ولذلك أنكر على الأعراب طبيعتهم الجافة ومخاطبتهم للرسول بالصوت العالي قائلا: «إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ»، فإذا كان أعضاء المجلس يعتقدون أن حصولهم على ثقة الناخبين في دوائرهم الانتخابية يعطيهم الحق في التصرف في الدولة كما يشاؤون فعليهم أن يدركوا أن الوزراء نالوا ثقة صاحب السمو أمير البلاد، فيجب أن يحترم كل منهم الآخر، ولا يتعدى أحد على سلطة الآخر. والله ولي التوفيق.