توضيح الواضح وقصور الفهم في نقد قائمة «ستانفورد» الأميركية
عدد الاقتباسات وغزارة الإنتاج العلمي وبالأخص المتعلق بالنشر المحكم في دوريات ذات تصنيف مرموق ومعامل تأثير عال هو ما يصبو إليه كل باحث علمي أكاديمي حول العالم، فالاعتراف بمثل هذه الإنجازات في النهاية لا يضيف أو ينقص من المرء شيئا، لكنه حتما تقدير لجهوده عبر سنين طويلة من العمل والبحث والاجتهاد، فهو تكريم لمجهوده ودعم للصادقين ممن هم حواليه، وعليه تخرج التصنيفات والقوائم التي تعتمد على معاملات ومعادلات وحسابات رياضية عدة لتصنف الباحثين العلميين في أطر مختلفة، ولعل أبرز تلك التصنيفات ذاك الذي خرج علينا مؤخرا (في آخر ثلاث سنين) جامعاً بيانات كل سنة تسبقه والمسمى بتصنيف قائمة جامعة «ستانفورد» والذي ولله الحمد أدرج اسمي شخصيا فيه مع نخبة من العلماء والباحثين في الكويت، وإذ أبارك لنفسي وأبارك لهم هذا الإنجاز والتكريم الضمني في كوننا جزءاً من مجتمع علمي أكبر حول العالم يهدف إلى الارتقاء بالفكر والعمل لخدمة المجتمعات وترك أثر فيها، ولكني أيضا استغربت انتقاد مثل هذا التصنيف ومحاولة التقليل منه من القلة القليلة، والتي إن التمست العذر لغير العلميين منهم، فإنني أستنكر أصحاب التخصصات العلمية ممن هم من المفترض أن يفقهوا في النشر وآلياته، وعليه ومن بعد ما تواصل معي عدد من الذين أدرجت أسماؤهم في القائمة وهم مستغربون ومستنكرون للانتقادات، أجد أنه من الضروري أن يتم شرح وتبيان بعض الحقائق التي تخص هذه القائمة المسماة «قائمة جامعة ستانفورد». ورغم أني شخصياً ممن يؤمن بالتعددية في الآراء وحريتها، ولم أجد أهمية في الرد على المنتقدين ولا آرائهم، ولكن في نهاية المطاف أكرر دائما وأبدا أن أهمية الإنجازات الحقيقية والتقدير تقع في معرفة من يفرح لك ومن يحقد عليك حقا، ويحاول أن يقلل من إنجازاتك لغاية ما في نفسه، سميت قائمة «ستانفورد» بهذا الاسم نسبة للجامعة الأميركية العريقة التي تنشر بهذا الاسم حول العالم بحسب كل المصادر المتاحة علاوة على أن اسمها يظهر بهذه الصورة من دار النشر الأكبر والأكثر رواجا حول المعمورة (السيفير)، ذلك نظرا لأن الباحث المسؤول عن تطوير معادلة حساب التصنيف هو من أحد العاملين في تلك الجامعة والذي طور مع آخرين معادلة رياضية لأعلى 2% من الباحثين حول العالم من حيث غزارة وجودة الإنتاج العلمي والأكثر تأثيراً doi.org/10.1371/journal.pbio.3000384. تنشر هذه القائمة من خلال قواعد بيانات متعددة تأخذ بالحسبان عددا من المعاملات في معادلة رياضية تهدف إلى وضع معيار ثابت لغزارة واستشهادات البحوث. والجدير بالذكر أن هذه القائمة يحتفل بها الجسد العلمي حول العالم في الكثير من البلدان، إذ كان هناك إعلان منذ أشهر معدودة من جامعة British Columbia الكندية المرموقة وهي تحتفي بأعضاء الجسد الأكاديمي ممن حالفهم الحظ في إدراج أسمائهم بتلك القائمة، بل عدد من أعضاء هيئة التدريس والعلماء في الغرب كجامعة نيويورك الأميركية وموناش الأسترالية يفاخرون بدخولهم هذه القائمة ذات الاسم المرموق، كما وجب إيضاح أن معادلة حساب تصنيف ستانفورد يعتمد بشكل رئيسي على 6 معاملات حسابية (لوغاريتمية) لعل أبرزها هو معامل هريش h-index الذي يعتمد على غزارة النشر والاقتباسات الأعلى بالتراتبية الزمنية، إذ يعتمد على جودة ونوعية المنشور العلمي، وأن الباحث متجدد ومتطور ويستمر بالإنتاج كذلك. وعليه أصبح معامل هريش يؤخذ به في الترقيات العلمية حول العالم ومعرفة جودة وعلو كعب مؤسسة علمية على أخرى، كما يعتمد تصنيف ستانفورد على مسألة مهمة جدا وهي البيانات الناجمة من محرك البحث العلمي المرموق Scopus وهو الأكثر شهرة الشامل لأكثر من 36 ألف دورية علمية، وبالمناسبة فإن محرك البحث هذا هو الأكبر والأشمل المتاح الى يومنا هذا، وهو ما اعتمد عليه من طور القائمة، إلى هذه النقطة من المقال وبالمناسبة تم تفنيد جل الأقاويل بتسخيف إنجاز ضم اسم أو محوه من قائمة ستانفورد، والأهم من هذا كله الآن هو المعيارية الحقيقية في تصنيف المؤسسات الأكاديمية المرموقة والباحثين العلميين، وعليه نجد أن المفاضلة تتعدد من جهة إلى أخرى ومن مكان الى آخر، فمثلا تصنيف QS الذي تسبب في أقاويل عدة بالصحافة نظرا لنزول ترتيب جامعة الكويت فيه، يعتمد بنسبة كبيرة على عدد من المعاملات لعل أبرزها الإنتاج العلمي وجودة البحوث من خلال الاستشهادات التي تشكل معامل هريش، وعليه فإن انتقاد هذا المعامل يدلل على قصور في فهم أهميته وضرورته في مفاضلة الباحثين والمؤسسات، بل هذا المعامل هو المقياس المتعارف عليه الى يومنا هذا في معرفة جودة أبحاث الشخص وإنتاجه العلمي، وتعتمد هذه القائمة على جودة الإنتاج العلمي ولا تغفل عنه، من حيث وضعها وزنا لمعامل هريش ومعامل c factor وكلها نتيجة عن الاستشهادات العلمية، فمن يفهم الرياضيات يستطيع معرفة أهمية تلك المعاملات.
الحديث عن أهمية التصنيفات والقوائم يطول وتفنيد ماهيتها يطول أكثر، لكن كان هذا أبرز ما تبادر للذهن حقا لتبيان بعض الحقائق للعامة ممن يريدون صدقاً أن يفهموا أهمية واعتبارية هذه التصنيفات، ولكن أهمية هذا المقال تكمن في تفنيد بعض الحقائق التي يتعمد البعض تسخيفها والتقليل منها وشرح ماهية القائمة، وطبعا للقائمة أصحاب ومؤلفون يردون على مثل هذه المزاعم مع الأيام، كذلك هذه القائمة التي ضمت قرابة الـ120 ألف عالم هذه السنة بتخصصات عدة تعتد بمعايير تغاير تلك لمسابقات وجوائز أخرى، فلكل جائزة معيار فلا يمكن مقارنة جائزة إنتاج علمي بـ«نوبل» أو بتصنيف سنوي وخلافه، وإلا كان قصورا آخر في الفهم. أبارك مرة أخرى لكل من أدرج اسمه هذه السنة في هذه القائمة أو غيرها وأتمنى أن يستمر عطاء الناس الى ما فيه خير وتطوير مجتمعاتهم من خلال البحث والتطوير الممنهج.