نقطة: الوظيفة بنت الجنسية!
الجنسية تعبير عن الانتماء والمواطنة، وبموجبها يكتسب المواطن حقوقاً ويلتزم بالواجبات، والوظيفة العامة من أهم هذه الحقوق كونها وسيلة لتوزيع الثروة في الدولة الرعوية، والأهم من المال أنها المحدد الرئيسي لشخصيات وحياة البشر وتطلعاتهم وطموحاتهم، وكل مخطط حياتهم مرتبط بها منذ أحلام الطفولة وحتى آخر العمر.لذا فمثلما أن سحب الجنسية عمل لا إنساني وغير مقبول، فإن الحرمان من الحقوق المترتبة على ذات الجنسية قد لا يقل تعسفاً وإضراراً عن سحبها، فالوظيفة كذلك تضفي على المرء هويته الاجتماعية واستقراره المالي والنفسي هو وعائلته التي يتحمل مسؤولياتها، وقطع الأعناق أسوأ من قطع الأرزاق كما يُقال.
والدولة حين تسلب الوظائف بنعومة من شاغليها، رغم وجود قوانين الخدمة المدنية والمراسيم واللوائح التي تنظّم مُدد عملهم بسنوات معلومة رتبوا حياتهم ومستقبلهم بناءً عليها، فإنها تستغل الوظيفة العامة كأداة عقاب، وترسل في ذات الوقت عدة رسائل في عدة اتجاهات، أولها للقياديين الجدد محل المغادرين بعدم الثقة والاستقرار وليس آخرها الخوف من الشخصنة وضعف سيادة القوانين، بينما كان يفترض في حال ثبوت أو حتى مجرد وجود شبهات جنائية على «المعفيين» من وظائف هو إحالتهم إلى القضاء، يدينهم أو يبرئ ذمتهم ويؤمن لهم خروجاً نظيفاً من الوظيفة العامة عوضاً عما أصابهم من تشكيك وتجريح، أما إذا كان لا ذنب لمعظمهم إلا أن ترقياتهم أو تبوؤهم لمناصبهم تزامن مع مرحلة مرزوق الغانم، فإن التزامن لا يعني السببية والارتباط دائماً، كما أن أغلب أعضاء المجالس المختلفة لهم يد في الوظائف والترقيات والتعيينات، على أن يبقى معيار جودة الأداء هو الفاصل في كل الأحوال ووفقاً للقوانين المعمول بها.في نهاية المطاف لا يسعنا إلا أن نأمل أن تكون التغييرات وعملية الإحلال والتعيينات الجديدة بناءً على رؤية لها برنامج وخطة عمل واضحة ومجدولة، أما غير ذلك فإن الأمر حينها لن يعدو عن «بدلنا كريّم بتيوتا»، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.