في سعيه فيما يبدو لإرضاء نخب بلاده، الذين لطالما كانوا يعتمدون عليه لحماية مصالحهم، اتّجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخيراً لاستخدام أوراقه كافة في حربه التي يشنّها على أوكرانيا منذ نحو 8 أشهر، ومن بينها «سياسة الأرض المحروقة» والاستعانة بمسيرات إيرانية انتحارية.وتقول مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، إن مسألة كيفية استجابة النخب الروسية لمزيد من التطورات في الحرب أصبحت واحدة من أكثر القضايا التي نوقشت في وسائل الإعلام الروسية.
وأرجعت المجلة ذلك إلى الدور الذي يمكن للنخب أن تلعبه في كبح جماح بوتين ومنعه من القيام بمزيد من التصعيد، في وقت لا يزال أغلبية الروس العاديين ملتزمين نسبياً بدعم الحرب.وجزء كبير من النخبة الروسية يعتبر الحرب كارثة، ولا يزال لدى البعض الآخر شكوك كبيرة حول الطريقة التي يدير بها بوتين الحرب.وتقول «فورين بوليسي»، إن النخب تكيّفت مع قرار الحرب الذي لم تُستشر فيه، ولكن في الشهر الماضي، بدأ احتمال خسارة روسيا للحرب يلوح في الأفق، مما أثر على كل طبقة من النخبة، مهما كانت استراتيجية التكيف التي اختاروها.ومع استمرار الجيش الأوكراني في التقدم، تتزايد المخاوف، ويشير التقرير إلى أن غياب رؤية واضحة لبوتين يحطم النخب داخلياً ويدفعها إلى البحث عن استراتيجيات أفضل للبقاء على قيد الحياة: ففي نهاية المطاف، لا أحد يريد أن ينتهي به المطاف على الجانب الخطأ من التاريخ، بحسب «فورين بوليسي» التي تؤكّد أن «بوتين يجد نفسه الآن في وضع لم يعد بإمكانه فيه اتخاذ القرارات بمعزل عن الآخرين، إذ إن موقفه يضعف تدريجياً مع فشل خططه. فيما النخب أصبحت أكثر جرأة».
الأرض المحروقة
وجاء تقرير «فورين بوليسي»، في وقت قال المستشار الألماني أولاف شولتس، أمس، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستخدم الطاقة والجوع كأسلحة ولكنه فشل في تقويض وحدة الغرب ولن يحقق أهداف الحرب من خلال أساليب الأرض المحروقة.كما قال شولتس، موجها حديثه إلى البرلمان الأوروبي، «لن ندع آخر تصعيد لموسكو يمر بلا حساب، ولن تساعد أساليب الأرض المحروقة روسيا في الانتصار في الحرب، بل ستعزز فقط وحدة أوكرانيا وحلفائها وتصميمهم».كما تزامن تقرير المجلة الأميركية غداة اعلان الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، أن واشنطن لديها «الكثير من الأدلة على استخدام روسيا مسيرات حربية إيرانية في أوكرانيا، حتى وإن واصلت طهران الكذب والنفي». وقال: «لن نتردد في فرض عقوبات وغيرها من الإجراءات المناسبة ضد كل الضالعين في عمليات نقل المسيرات من إيران إلى روسيا».يأتي ذلك بعد جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن، أمس الأول، بطلب من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا حول توريد إيران مسيرات حربية إلى روسيا. ووصف نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي الاتهامات الغربية لإيران بهذا الشأن «تضليلا جديدا»، مضيفاً أن «روسيا ستعيد تقييم تعاونها» مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وموظفيه إذا أرسل غوتيريش خبراء إلى أوكرانيا لفحص الطائرات المسيرة التي تم إسقاطها والتي أكدت أوكرانيا والغرب أنها صنعت في إيران.من جانبها، نفت إيران عزمها تزويد روسيا بصواريخ لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا، وذلك في اتصال بين وزير خارجيتها حسين أمير عبداللهيان ونظيره جوزيب بوريل، أمس، أتى بينما وافق الاتحاد الأوروبي على معاقبة طهران لـ «تسليم» موسكو «درون». كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على روسيا، مستهدفة شبكة اتهمتها بشراء تقنيات عسكرية وذات استخدام مزدوج من شركات أميركية لصالح مستخدمين روس.دفاع خيرسون
ميدانياً، أعلنت روسيا، أمس، أن قواتها أعادت الوضع إلى ما كان عليه في مقاطعة خيرسون بجنوب أوكرانيا عقب هجوم للقوات الأوكرانية، في حين تجدد القصف الروسي على منشآت الطاقة الأوكرانية.وقالت وزارة الدفاع الروسية إن القوات الأوكرانية اخترقت الدفاعات الروسية في خيرسون، مضيفة أنه تم التصدي لها وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.وكانت السلطات الموالية لروسيا في خيرسون أعلنت أمس الأول، بدء إجلاء السكان من خيرسون.في هذه الأثناء، تعرضت أوكرانيا، أمس، لضربات روسية جديدة، تسببت في دمار واسع.ودعت السلطات الأوكرانية المواطنين للحد من استهلاك الكهرباء وخفض استخدام الكهرباء من الساعة السابعة صباحا حتى 11 مساء، في ظل الانقطاعات الواسعة للتيار عن أجزاء كبيرة من البلاد بسبب الضربات الروسية الذي تسبب في تدمير 30 في المئة من منشآت الطاقة.قوات دعم
إلى ذلك، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين بارزين مقيمين في الشرق الأوسط، إن روسيا سحبت في الآونة الأخيرة نحو 1600 جندي ومعدات عسكرية حساسة بينها نظام للدفاع الجوي من سورية، لتعزيز عملياتها العسكرية في أوكرانيا.ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول إسرائيلي، أن عددا من القادة العسكريين الروس في سورية نقلوا إلى أوكرانيا.ترامب و«صداقة» النووي
إلى ذلك، وصف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الرؤوس الحربية النووية الروسية بأنها «سبب قوي للصداقة مع موسكو».وبحسب شبكة CNN، التي نشرت مقطعا من كتاب صوتي جديد للصحافي بوب وودوارد، قال ترامب: «التوافق مع روسيا أمر جيد وصحيح، لأن لديها ما مجموعه 1332 رأسا حربيا لعينا».هدايا بوتين لبرلسكوني تنتهك العقوبات
أعلنت المفوضية الأوروبية، أمس، أن 20 زجاجة من الفودكا أرسلها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني بمناسبة عيد ميلاده تنتهك العقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو بعد غزو أوكرانيا.وأثار برلسكوني، المقرر أن يشارك حزبه (فورزا إيطاليا) في الحكومة الائتلافية الجديدة، الجدل هذا الأسبوع عندما قال إنه عاود التواصل مع بوتين وتبادل معه «رسائل لطيفة» أخيراً.وبحسب تسجيل صوتي نشرته وكالة «لابريس» للأنباء، قال برلسكوني، الذي أتم 86 عاماً الشهر الماضي، لأعضاء حزبه في مجلس النواب: «لمناسبة عيد ميلادي، أرسل لي 20 زجاجة فودكا ورسالة لطيفة جداً».وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية، في بيان، إن حزمة عقوبات الاتحاد الأوروبي التي تم الاتفاق عليها في أبريل مددت حظر استيراد البضائع الروسية لتشمل المشروبات الروحية، بما في ذلك الفودكا، مضيفا أنه لا يوجد إعفاء للهدايا.ومع ذلك، فإن الأمر متروك للدول الأعضاء في الاتحاد لتنفيذ العقوبات، ولم يتضح على الفور ما إذا كان سيتم اتخاذ أي إجراء لمتابعة المسألة من قبل السلطات الإيطالية.كما قال رئيس الوزراء الإيطالي السابق في التسجيل الصوتي لنواب حزبه، إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دفع بوتين إلى حرب لا نهاية لها.ورداً على تعليقات برلسكوني حول بوتين والحرب في أوكرانيا، قالت زعيمة ائتلاف اليمين جيورجيا ميلوني، التي من المتوقع أن تكون رئيسة وزراء إيطاليا المقبلة، أمس الأول، إن حكومتها الجديدة ستكون مؤيدة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) وجزءاً أساسياً من أوروبا، وتعهدت بعدم تغيير موقف إيطاليا المؤيد لأوكرانيا، وقالت إنها تدعم إرسال أسلحة ومساعدات إلى أوكرانيا.