لم تتردد كثيراً...

ولم تخطط لانقلاب عسكري...

Ad

ولم تستعن بالقاصي والداني ليفعلوا شيئاً لمساعدتها...

كل ما فعلته هو الاجتماع برئيس لجنة الحكماء في حزب المحافظين الحاكم (1922 committee)، ثم رفعت سماعة الهاتف وخاطبت الملك شارلز ملك بريطانيا، لتخبره بأنها ستستقيل حالاً، وفتحت الباب رقم 10 داونينغ ستريت وألقت خطاب الاستقالة أمام جمع غفير من أجهزة الإعلام!

السبب كان واضحاً: هناك أغلبية داخل وخارج حزبها وقفوا ضد خططها لمكافحة الغلاء وانخفاض سعر العملة وتغيير الضريبة وتذبذب الأسواق... إلخ إلخ إلخ.

قبل الاستقالة اعترفت بخطئها، مناشدة أعضاء حزبها بالتضامن معها، وأنها ستعيد النظر في هذه الخطط، لكن الجواب كان جاهزاً: مادمت قد أخطأتي، فإن استقالتك واجبة.

ليز تروس (Liz Truss) التي كانت بمنتهى الحيوية والشباب، ويبلغ عمرها 47 عاماً، ولديها علم وخبرات غنية ولا تضاهى سياسياً واجتماعياً، لم تجد بداً من الاستقالة، وحملت لقب صاحبة أقصر مدة لأي رئيس وزراء بريطاني عبر العصور!

هذا ما يسمى بالديموقراطية الحقيقية!

وهذا ما يسمى بالاعتراف بالخطأ!

وهذا ما يسمى بالسمو والترفع عن المنصب، بغض النظر عن أهميته!

ليز تروس تعلم تماماً أنه في يوم من الأيام حكمت بريطانيا العالم، وأن رئيس وزرائها مجرد خادم لوطنه ولشعبه.

وبما أنها فشلت في أقصر فترة (44 يوماً) قدَّمت استقالتها، وأصرَّت على انتخاب رئيس جديد لحزب المحافظين الحاكم ليتولى رئاسة الحكومة خلال أسبوع.

هكذا تُدار الأمور، ولا تُترك للحظ أو للصدف، بل يمارسون الديموقراطية بصدق وأمانة.

د. ناجي سعود الزيد