قال تقرير الشال الاقتصادي انه بعد حالة من الضبابية ناتجة عن اعتراض معظم النواب الجدد والشرائح الناشطة في المجتمع على تشكيل سريع لمجلس الوزراء، تبعها استقالة الوزارة وقلق حول تجاوز موعد أول انعقاد لمجلس الأمة للمهلة الدستورية، عولج الأمران بعقل، فأعيد تشكيل الحكومة، وهو أمر لم يكن ليحدث في السابق، وعقدت جلسة لمجلس الأمة ضمن المهلة الدستورية، ورفعت بعدها لعدم حضور حكومة لم تتشكل، وكان تصرفا صحيحا، وفيما يلي التفاصيل:أعيد تشكيل الحكومة، بتغير كبير في الأشخاص عن حكومة ما قبل أغسطس الفائت، وقبلها، التزمت سابقتها بكل الوعود الصحيحة، قبل وأثناء عملية الانتخابات، كما انسحبت الحكومة عند انتخاب المجلس لمكتبه ولجانه، مطبقة شعار «المجلس سيد قراراته»، وهو تصرف مشجع وصحيح.
ولأن خيار الكويت ديموقراطي، ولأن النهوض والتنمية صلبها سلامة ونضج الإدارة، بينما الموارد والرؤى عاملان مساندان، لابد من إنضاج الإدارة الديموقراطية بشقيها التشريعي والتنفيذي.وفي الطريق إلى إنضاج العملية الديموقراطية في شقيها التشريعي والرقابي، نعتقد أن هناك 3 مرتكزات لابد من استكمالها في أي انتخابات قادمة، وأولها هو تشكيل مفوضية مستقلة للإشراف على العملية الانتخابية رفعاً للحرج ومنعاً للحساسية عن الحكومة. وثاني المرتكزات هو تحويل العمل البرلماني الفردي إلى عمل تكتلات أو جماعات، ذلك يعني إقرار نظام صارم لتأسيس الأحزاب على أسس سياسية بحتة مع مراقبة شديدة لمواردها المالية وكيفية التصرف بها، علماً بأن الأحزاب محدودة، ولكنها موجودة من دون خضوعها للاشتراطات المذكورة، والغرض هو إتاحة الخيار للناس لانتخاب نهج أو برنامج ملتزم به، أما البديل، فهو تفكيك التمثيل إلى حزب لكل فرد من أغلبية النواب ما يصعب التوافق معه، ومن غير الممكن أن تكون أولويات الفرد ناضجة أو قدرته ظاهرة في التأثير في مسار البلد.وثالث المرتكزات هو أن المسار الديموقراطي كان معوجا بسبب طغيان الفساد والانحرافات، وهو ما نبذه العهد الجديد، أو أحياه بعد موته كما ذكر سمو ولي العهد، وكان لمرسوم الصوت الواحد دوره في تشويه كبير لمخرجات العملية الانتخابية، ولابد من تغييره، وذلك ينسحب أيضاً إلى ضرورة تعديل الدوائر.وفي الطريق إلى تقوية الجناح الأهم في الإدارة العامة وهو السلطة التنفيذية، إن كانت أولوياتها هي العودة بالكويت إلى الريادة في إقليمها، لابد من تغيير معايير الاختيار، فالأصل في الاختيار هو تجانس الفريق واتفاقه على رؤية موحدة. فالبلد يواجه تحديات صعبة، لعل أهمها هو ضمان استدامة ماليته العامة التي ذكرها بيان الحكومة واستدامة اقتصادها واستدامة ميزان العمالة المواطنة لديها، وهو ما سنعرض له في تقرير قادم. ولأن الحكومة هي أكبر الكتل البرلمانية، ولأن موارد الدولة حتى الآن سيادية وليست ضريبية، أي تحصلها الحكومة من بيع أصل ناضب، ولأن النظام الديموقراطي في الكويت لا يمنح حق تشكيل الحكومات وفقاً لنتائج الانتخابات، تبقى الحكومة هي القادرة على تبني رؤية نهضوية وتنموية وتمريرها. ذلك لن يتحقق إذا كانت قدرات الفريق الحكومي متفاوتة بشكل كبير، ولا يتحقق إذا كانت قناعاته أيضاً متفاوتة، لذلك، بناء الفريق لابد أن يكون يكمل بعضه بعضا وقابلا للتوافق على رؤية مشتركة.ختاماً، لابد من التأكيد أن ما تحقق حتى الآن يفتح بارقة أمل للنهوض، بارقة كانت مفقودة منذ زمن طويل، ونأمل أن يحقق وضعها على موقع الاختبار الفعلي ما يتسق مع محتوى التغيير الظاهر، ويبقى الإصلاح عملية مستمرة، لها بداية لن تخلو من بعض النكسات، ويظل البناء المتصل عليها هو الضمانة لتحويل الإدارة العامة، من عبء، إلى قيمة وإنجاز.
اقتصاد
تصرفات الحكومة الأخيرة تفتح بارقة أمل للنهوض
23-10-2022