قدَّمت فرقة مسرح الشباب، أمس الأول، مسرحية «لنشرب القهوة»، وهي ثاني العروض المتنافسة على جوائز مهرجان الكويت المسرحي.وقد مزجت المسرحية بحرفية بين الكوميديا والتراجيديا في فنجان واحد، ليتجرَّع محبو القهوة مرارة مذاقها، جنباً إلى جنب مع مرارة هجرة العقول والبُعد عن الأوطان، بمصاحبة أداء موسيقي وسينوغرافي مبدع أبهر الحضور، الذي امتلأ بهم مسرح الدسمة بالشامية.
واستطاع صُناع العمل المزج بين القهوة والدعوة إلى احتسائها في أجواء من الدفء، والتي عادة ما تجمع شخصين أو أكثر على حديث واحد أو أفكار مشتركة، إلا أن صُناع المسرحية أسقطوا هذا الرمز الفني بإبداع على فكرة تنوعها بين القهوة الأميركية والفرنسية والتركية والعربية وغيرها، في دلالة على تغرُّب البعض، وهجرتهم، وعدم انتمائهم لأوطانهم، وهي الفكرة التي أجاد أبطال العمل في توصيلها للجمهور بمرارة ومتعة كفنجان قهوة.شارك في التمثيل الفنانون: سماح ويوسف الحشاش وعلي الحسيني وأريج العطار وحسين الحداد ويوسف بوناشي وعلي مهدلي.
الانتماء للوطن
من جانبه، قال مخرج العمل محمد المزعل إن فكرته الأساسية تدور حول الانتماء للوطن ونبذ هجرة العقول، إذ «نستطيع أن نكون في أوطاننا مثلما نريد، ومهما واجهنا من صعوبات يجب أن نصمد من أجل بناء أوطاننا، لا أن نتركها ونهاجر».اعتمد العرض على الإيقاع المعتدل في طرح القضايا التي تتعلق بالانتماء بالوطن، والقدرة على مواجهة التحديات، لإثبات الجدارة والاستحقاق للأرض والوجود، فطُرحت على الخشبة موضوعات عدة أبدع الممثلون في التعبير عنها، منها مسألة اللجوء، والحقوق المنقوصة للاجئين الشباب، وضحايا الحروب والعنف والنزاعات، خصوصاً من فئة النساء والأطفال، ومواهب الشباب التي يضطرون إلى إخماد ذروتها وازدهارها من أجل العيش في بيئات اضطروا للنزوح إليها والعيش فيها وفق شروط خاصة.انغماس الشخصيات
ورغم الاختلاف الواضح في الصفات والطبيعة لكل شخصية في العمل، فإن الممثلين المشاركين كانوا منغمسين في الشخصيات التي يعرضونها، وينقلون الجمهور معهم من محطة إلى أخرى، ومن زمن إلى آخر، وفق مجريات الأحداث بشكل عفوي وبسيط.وقد تناغمت الإيقاعات الموسيقية في العرض مع المضمون التمثيلي الذي قدَّمه المشاركون في العرض، واستكمل ديكور المسرح، الذي تميَّز بالمرونة وإمكانية تغييره، بصورة لافتة تحاكي رواية كل شخصية في العمل، فيما نجح مخرج العمل في توظيف الإضاءة في العمل على نحو لافت، حيث تتزايد شدتها وحِدّتها في انغماس الشخصيات بالحديث عن الأمل وكل إيجابيات الحياة التي يتمنونها، فيما تخفت وتتلاشى تماماً في اجترارها للماضي الأليم.اعتمدت الشخصيات المشاركة في العمل على فن الدمى في استحضارها للماضي (فلاش باك)، حيث تم التعبير عنه من خلال دمى متحركة تسلط كلماتها الضوء على مرحلة ولحظة مؤثرة في حياة الشخصية، وهو ما ساهم في كسر وتيرة الملل في العرض المسرحي، وأبقى الحضور في حالة يقظة وانتباه وترقب لما هو قادم.