يستعد مسؤولو الاحتياطي الفدرالي الأميركي لرفع أسعار الفائدة بوتيرة كبيرة مطلع نوفمبر، كما قد يناقشون أيضاً استراتيجيات استكمال دورة التشديد النقدي الأكثر تشدداً منذ أربعة عقود.

ورفع المسؤولون أسعار الفائدة بسرعة، بعد تباطؤهم في معالجة التضخم الذي ثبت أنه أكثر ثباتاً مما كان متوقعاً. لكن مع اقتراب أسعار الفائدة حالياً من المستويات التي قد تؤثر على النمو الاقتصادي، بدأ صانعو السياسة النقدية وضع أساس للتحول نحو تحركات أصغر، تصل بهم إلى المستوى المستهدف دون الذهاب بعيداً، وترك الباب مفتوحاً للمُضي قُدماً إذا لم يتباطأ التضخم.

Ad

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في شيكاغو، تشارلز إيفانز، في ندوة لمصرفيين استضافها البنك في شيكاغو، الجمعة: «محاربة التضخم برفع الفائدة كان شيئاً جيداً»، مذكراً الحضور بأن أسعار الفائدة كانت منخفضة بالقرب من الصفر تقريباً في مارس الماضي، لكن تجاوز الحدود كان مكلفاً أيضاً، وهناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن الكيفية التي يجب أن تكون عليها سياسة التشديد النقدي بالفعل، لذلك تزداد تكلفة استراتيجية الوصول إلى المستوى الذي تستهدفه السياسة النقدية، حتى يمكنها التوقف للاستراحة والتقييم.

التضخم أو النمو

يسعى المسؤولون، الذين يدخلون فترة صمت قبل اجتماع السياسة النقدية المقرر عقده في 1-2 نوفمبر، إلى رفع أسعار الفائدة لمستوى يحد من النمو وتثبيتها عند ذلك المستوى لبعض الوقت حتى ينخفض ​​التضخم، عقب رفع أسعار الفائدة 75 نقطة أساس في كل اجتماع من الاجتماعات الثلاثة الأخيرة لمجلس الاحتياطي الفدرالي، حتى أصبح سعر الفائدة القياسي للبنك المركزي الآن في نطاق مستهدف بين 3 و3.25 في المئة.

يرى صانعو السياسة النقدية أن أسعار الفائدة سوف ترتفع إلى ​​4.6 في المئة بالمتوسط العام المقبل، وفقاً للتوقعات الصادرة الشهر الماضي. ويراهن المستثمرون على رفع الاحتياطي الفدرالي الفائدة 75 نقطة أساس في اجتماعه يومي 1 و2 نوفمبر، وبما يتراوح بين 50 و75 نقطة أساس في ديسمبر، على أن تتوقف دورة التشديد النقدي مع الوصول إلى الذروة عند حدود 4.9 في المئة مطلع 2023.

يخشى محافظو البنوك المركزية في الولايات المتحدة من استمرار ارتفاع التضخم إذا أبطأوا وتيرة رفع أسعار الفائدة مبكراً جداً، لكنهم إذا رفعوا أسعار الفائدة أكثر من اللازم، فإنهم يخاطرون بدفع الاقتصاد إلى ركود مؤلم.

أكدت ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياطي الفدرالي في سان فرانسيسكو، الجمعة، ضرورة بدء البنك المركزي في التخطيط لخفض حدة رفع أسعار الفائدة، رغم أن الوقت لم يحن بعد «للتوقف» عن الارتفاعات الكبيرة.

وقالت دالي خلال حلقة نقاشية استضافتها جامعة كاليفورنيا بيركلي: «كان يتعين علينا أخذ ذلك في الاعتبار على الأقل في الوقت الحالي، لكن البيانات الاقتصادية لم تدعم ذلك».

وعن احتمال رفع المسؤولين أسعار الفائدة 75 نقطة أساس في اجتماع نوفمبر، ذكرت: «أود أن أوصي الناس بألا يعتبروا ذلك أمراً صعباً، لأنها لن تكون 75 نقطة إلى الأبد».

نتائج عكسية

وقال ديريك تانغ، الخبير الاقتصادي في «إل إتش ماير» (LH Meyer) في واشنطن، إن التحول نحو إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة مثل رفعها 50 نقطة أساس في ديسمبر، قد يمنحهم مجالاً لمواصلة رفع أسعار الفائدة العام المقبل إذا لم يتباطأ التضخم كما هو متوقع، ويمكنهم بذلك تفادي مخاطر رفع الفائدة بمعدلات أعلى مما يرغبون، وهي استراتيجية مفيدة، لأن توقعات المسؤولين تكشف عن التردد في خفض الفائدة العام المقبل. وأفادت كاثي بوستانسيك، كبيرة الاقتصاديين الأميركيين في أكسفورد إيكونوميكس، بأن صانعي السياسة النقدية قد يواجهون تحدياً بشأن التواصل مع المستثمرين وتفسيرهم الخاطئ لإبطاء وتيرة رفع الفائدة، وانتعاش أسواق الأسهم، وتخفيف قيود منح الائتمان، كما حدث بعد اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي في يوليو، الأمر الذي قالت عنه: «سيأتي ذلك بنتائج عكسية بالنسبة للاحتياطي الفدرالي».

وأوضح ماثيو لوزيتي، كبير الاقتصاديين الأميركيين في «دويتشه بنك للأوراق المالية»، أنه حتى إذا أبطأ المسؤولون وتيرة رفع الفائدة إلى 50 نقطة أساس في ديسمبر، يمكن لملخص التوقعات الاقتصادية الخاص بهم الذي يصدر بعد الاجتماع، إرسال إشارة متشددة تؤكد استعدادهم لرفع معدلات الفائدة.

رغم ذلك، قال لوزيتي إن حجم رفع الفائدة في ديسمبر وأي تغير في توقعاتهم المعلنة، يعتمد على ما سيحدث للاقتصاد قبل ذلك الحين، حيث يحتاج المسؤولون إلى استيعاب عدد كبير من التقارير الاقتصادية قبل آخر اجتماع للسياسة النقدية لهذا العام، بما في ذلك إعلان أسعار المستهلكين مرتين، واثنين من التقارير الشهرية للوظائف، قبل قرارهم في الاجتماع الذي يستمر يومين وينتهي في 14 ديسمبر.

وأشار بعض المسؤولين إلى رغبتهم في رؤية توازن الطلب مع العرض في سوق العمل بشكل أفضل، إلى جانب عدة تراجعات شهرية في مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي في الولايات المتحدة، الذي يستبعد الغذاء والطاقة، لكن المؤشر ارتفع 6.6 في المئة في سبتمبر على أساس سنوي، وسجل أعلى مستوى منذ 1982، وفقاً لتقرير وزارة العمل الصادر في وقت سابق من هذا الشهر.

وقال لوزيتي: «إلى أن تظهر تلك المؤشرات في البيانات الاقتصادية، أعتقد أنه من الصعب أن تقتنع بشكل كبير أنهم فعلوا ما يكفي فيما يتعلق بالوصول إلى ذروة أسعار الفائدة».