لم أكن قد قرأت بعد كتاب "كفاحي" الشهير، الذي غدا "إنجيل" النازيين المقدس، إلا أنني وككل أبناء جيلي الذين جَّرحت قلوبهم وأوجعت أكبادهم نكبة فلسطين كنت معجباً بـ"أدولف هتلر" ليس لأن عشيقته إيفابراون أثبتت إخلاصها له...
يا مرحبا بالعنَّاب... "طلَّن" آذان إحماره... إنه رجل يستحق كل هذا الحداء المُشتعل باللهفة وبالود، فالقرية التي يتفجر عند أقدامها نبع ماء نمير والتي تغرق في غابة جميلة وتنام في وادٍ وارف الظلال ينحدر من جبال بارتفاع جبال...
اثنان على طرفي نقيض، الأول دقيق ومنظم ومرتب ودمه خفيف، يتابع شؤون عائلته ولا يأكل إلا من تعبه وعرق جبينه، يختلف عن معظم رجال القرية كلهم في أنه لا يحب الاختلاط مع الآخرين وأنه يختار أصدقاءه بدقة ويكتفي في العادة...
آوى إلى فراشه باكراً... القمر يطل باستحياء من خلف جبل "حَدَد"، الذي يبدو في وضح النهار لرائيه عن بعد كهرم كبير يشبه أهرامات الجيزة التي تطل على القاهرة منذ أكثر من أربعة آلاف عام، كمجموعة من الحراس الأبديين... حاول البحث عن...
نهض باكراً، ككل يوم، وكان ذلك اليوم ماطراً وبارداً ومن أيام شتاء زمهريره شديد أحرق أهل القرية في الشهرين الأولين منه كل مخزونهم من "حطب البلوط" الذي جمعته النساء من الهضاب والوديان البعيدة، وكنَّ يَعدْنَ به محمولاً على...
عملية الإعدام تقرر إجراؤها عند "العين"، فهناك يتجمع الناس في العادة، وهناك إذا فقد الخاضع لهذه التجربة السيطرة على معدته وأفرغ محتواها من الأعلى والأسفل بالإمكان تنظيفه بسهولة، وهناك إذا ارتفعت روحه إلى بارئها وغادر...
إنه أحد الأيام التي عندما أذكرها وأتذكرها أشعر بوجع كطعنة الخنجر في القلب وهو يشبه ذلك اليوم الذي رأيت فيه أمي حزينة ودامعة، خلتها أنا ابن الثمانية أعوام بحجم الأرض والسماء، تسيل على خدٍّ تطرزه لوحة خضراء من وشم بدوي...
لا أذكر بالضبط لكنني أعتقد أن هذا حدث إما في عام 1956 أو في عام 1957، ففي بدايات فصل ربيعي مبكر جميل تنادى أهل القرية إلى أن بعثة لجمع التبرعات لـ"مجاهدي" الجزائر قد وصلت وأن من يريد المساهمة في سبيل الله عليه أن يأتي إلى بيت...
هذا كان حدث معي أنا العبد الفقير إلى الله شخصياً، ففي ذات يومٍ قائظ شديد الحرارة غلبني النوم بعد أن سئمت منازلة الطيور التي كانت تغافلني فتهاجم أفواجاً... أفواجاً "المقثاة" الوحيدة في قريتنا التي كانت محاطة بشريط من الذرة...
سنوات عجاف، فبعد الحرب العالمية الثانية، كان الرجال يذهبون بقروشهم القليلة حتى إلى عمان، التي كانت لاتزال قرية كبيرة في تلك الفترة، ويعودون و"عُدولهم" فارغة فلا قمح ولا شعير ولا ذرة، فالأسواق كانت خاوية، وأوروبا التي...